متى يكبر الإنسان؟ أن نصبح يتيمًا في مرحلة البلوغ: كيف يغيرنا الإنسان ينضج حقًا عندما يفقد والديه.

عندما كنت طفلاً، كان كل شيء بسيطًا جدًا. كنا صغارًا جدًا بحيث لا يمكننا اتخاذ القرارات، لذلك فعل آباؤنا ذلك نيابةً عنا. لقد نشأوا واعتنوا ونشأوا. ولكن على مر السنين، يصبح الطفل أكثر وأكثر استقلالية، ولم يعد يريد أن يفكر الناس ويقررون له، فهو يسعى جاهدا للقيام بكل شيء بنفسه، ليعيش حياته بنفسه. لسوء الحظ، غالبًا ما يكون من الصعب جدًا على الآباء قبول ذلك، لأسباب عديدة.

أول هذه الأسباب هو فقدان السيطرة والسلطة على طفلك. علينا أن نعترف بأن الطفل قد كبر بالفعل، وبالتالي فإن الوالدين أنفسهم قد كبروا. يبدو أن الطفل يحتاج إليهم مؤخرًا بشكل كامل وكامل، ولكن اليوم، اتضح أن لديه بالفعل رأيه الخاص، وتجربته الخاصة، والرغبة في أن يعيش حياته الخاصة. وهذا أمر صعب بشكل خاص بالنسبة لأولئك الآباء الذين عاشوا "من أجل أطفالهم". من الصعب عليهم أن يعترفوا بأن الطفل أصبح بالغًا ومستقلاً، لأنه معه يختفي المعنى الكامل لحياتهم تقريبًا! بعد كل شيء، في كثير من الأحيان إيقاع حياتهم كله، كان وجودهم كله للأطفال، باسم الأطفال. إن إدراك أن الطفل يكبر يعني ترك مساحة فارغة كبيرة خالية من أي شيء. إنهم، في الواقع، ليس لديهم حياتهم الخاصة، وهواياتهم الخاصة، أو حتى علاقات راسخة في كثير من الأحيان مع زوجاتهم وأقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم الآخرين. ومع التقدم في السن، يصبح من المخيف والأصعب إعادة التفكير في حياتك وسد هذه الفجوات...

عندما انتقلت إلى جدتي بعد الطلاق، كان علي أن أتعامل مع هذا الأمر. كان من الأسهل قليلاً بناء علاقة مع والدتي، لأننا لا نرى بعضنا البعض كل يوم، ولديها أيضًا أخي الأصغر، أي أنه كان من الأسهل عليها بطريقة أو بأخرى أن تقبل انفصالي وتكبر. لكن مع جدتي كان كل شيء أكثر صعوبة. كانت هناك صراعات ومشاجرات لأسباب عديدة. وكان من الصعب جدًا علي أن أتحمل ذلك. إنهم يعاملونني، وأنا أم بالفعل، كفتاة صغيرة! ولكن بعد تحليل الوضع، أدركت أن معنى حياة جدتي كلها كان في أطفالها (ثم في أحفادها وأحفادها). لذلك تشعر أن حياتها ليست بلا معنى، فهي تشعر بأن هناك حاجة إليها. لو اعترفت الآن بأنني كبرت بالفعل ولست بحاجة للسيطرة فماذا سيبقى لها؟ لا شيء تقريبا.

ويرتبط بهذا السبب ارتباطًا وثيقًا سببًا آخر، ألا وهو عدم القدرة على الحب. نعم، بغض النظر عن مدى مخيف الاعتراف، فإن الكثير منا لا يعرفون كيفية الحب حقا. هذه مشكلة لأجيال عديدة. الآباء الذين لم يعرفوا كيف يحبوا لم يعلموا أطفالهم، وهؤلاء بدورهم لم يعلموا أطفالهم. كما أن الافتقار إلى وجهات نظر صحية في المجتمع حول هذا المجال من العلاقات له تأثير قوي أيضًا.

بسبب عدم القدرة على الحب، غالبا ما تنشأ مشكلة أخرى - عدم القدرة على التواصل والتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم. وهذا أيضًا أمر نموذجي بالنسبة لنا نحن أبناء آبائنا. يشعر الآباء أنهم "يفقدوننا"، وهم خائفون ويحاولون، عن طيب خاطر أو كرها، "الاحتفاظ" بأطفالهم. الأطفال، الذين يشعرون بالضغط، "يبتعدون" حتماً، ويحاولون حماية حدودهم الشخصية، ونتيجة لذلك، يمكنهم تقليل اتصالاتهم مع والديهم، وليس التحدث معهم، وليس المشاركة. ومن أجل استعادة الاتصال بطريقة أو بأخرى، يبدأ الوالدان في أقسم، وإثارة المشاكل - بعد كل شيء، لا يوجد شيء على الإطلاق، ولكن التواصل وتبادل المشاعر والعواطف. إنهم يعانون من قلة الاهتمام، وهكذا يحصلون على ذلك. وبعد ذلك تتفاقم المشكلة..

ما هو المخرج من هذه الحلقة المفرغة؟ هذا، بالطبع، تنظيم الاتصالات العادية. ليس من الضروري أن تسكب روحك بالكامل أمام والديك، لكنك بحاجة إلى تغيير التواصل نوعيًا. كن مهتمًا بالأعمال التجارية، واسأل عن شيء ما، واطلب الآراء أو النصائح. ستوضح علامات الاهتمام هذه للآباء أن أطفالهم ما زالوا بحاجة إليها مهما حدث. في بعض الأحيان لا تحتاج إلى الكثير - فقط استمع وأومئ برأسك. في بعض الأحيان - لإخبار بعض الأخبار. اسألهم عن رأيهم في بعض الأعمال المنزلية. اطلب المساعدة في شيء ما، شكرًا على المساعدة. تبدو كل هذه أشياء صغيرة، لكنها مساهمتنا الصغيرة في إقامة علاقات طبيعية وصحية مع عائلتنا.

ولا تنس أيضًا "تبديل الانتباه". اجعل والديك مهتمين بشيء مثير للاهتمام حتى يطوروا شغفهم الخاص، وحاول دعمهم في هذا - تحدث أحيانًا عن ذلك، واسأل، واهتم بنجاحاتهم. على سبيل المثال، ساعدني وصول حيوان أليف جديد إلى المنزل - قطة صغيرة - في ذلك. وعلى الرغم من أن الجدة لم تحترق أبدًا بشغف تجاه إخواننا الصغار، فقد غزاها هذا القط الصغير. بسبب الصعوبات التي مر بها، كان ضعيفًا إلى حد ما، لكنه في نفس الوقت حنون جدًا. مشى بسعادة بين ذراعيها، وخرخر، ودحرج على رقبتها. والجدة لديها الآن مركز آخر لتطبيق جهودها.

فارق بسيط آخر هو تصور الأطفال لوالديهم. غالبًا ما يحدث أنه حتى البالغين ينتمون إلى والديهم بطريقة طفولية قليلاً، ويرونهم كنوع من المحكمين، والقضاة المعصومين، وأحيانًا يكونون حساسين جدًا لتقييمهم لأفعالهم وقراراتهم. لكن هل هذا الموقف صحيح؟ لا هذا غير صحيح. من الضروري إزالة الوالدين من هذه القاعدة. إنهم مجرد أشخاص يمكنهم أيضًا ارتكاب الأخطاء والاستسلام للعواطف وإجراء تقييمات غير صحيحة. سيتعين علينا أن ندرك هذا ونتقبله. عندها لن يكون رد الفعل على استنكار الوالدين مؤلما للغاية وسيُنظر إليه بشكل معقول، لأن آراء الناس في بعض القضايا قد لا تتطابق.

غالبًا ما يحدث أن "التمرد" ضد الوالدين يرجع أيضًا إلى تصور الطفل للوالدين. من خلال التمرد، يحاول الطفل أن يثبت لنفسه أن رأي والديه ليس مهما بالنسبة له، وأنه لا يعتمد عليهما، ولهذا الغرض يفعل عمدا كل شيء عكس ذلك من أجل التأكيد بشكل أكبر على "بلوغه". مثال آخر على هذا الفهم الخاطئ هو أن الطفل الذي لم يتلق ما يكفي من الاهتمام والثناء من والديه يمكن أن يقضي حياته كلها في محاولة ذلك، محاولًا إثبات أنه "جدير" حتى ينال في النهاية التقدير والثناء. ...

أود أيضًا أن أقول شيئًا عن الصراعات. ومع ذلك، بغض النظر عن كيفية بناء علاقات صحية، فمن الصعب تجنب الصراعات، خاصة في البداية.

عندما بدأت العيش مع جدتي لأول مرة، كان من المؤلم للغاية بالنسبة لي أن أسمع ما قالته أثناء المشاجرات. "كيف يمكن لشخص عزيز عليه أن يقول مثل هذه الأشياء؟ هل غالبا ما تصطدم بنقاط ضعف؟ من الصعب قبول ذلك من الأقارب الذين ترغب في المقام الأول في الحصول على الدعم والتفهم منهم...

في كثير من الأحيان، ما يقال في خضم المشاجرات ليس في الواقع انتقادًا أو إهانة لنا، بل صرخة داخلية من العجز. لقد تم بناء الإنسان بحيث يصعب عليه في بعض الأحيان الاعتراف بالذنب، ومن الأسهل بكثير إلقاء اللوم على شخص آخر في شيء ما. لكن الضمير لا ينام، ولهذا غالبا ما تخرج هذه الاتهامات على شكل صرخات. من المهم أن تكون قادرًا على الشعور بذلك أحيانًا. لذلك، على سبيل المثال، وراء عبارة "لن تتزوج أبدًا، لا أحد يحتاجك (لن تتزوج أبدًا، لكن من يحتاجك)" يخفي الخوف من الشعور بالوحدة، والخوف من فقدان الطفل، خلف "يمكنك" "لا أفعل أي شيء" - "لم أتمكن من تعليمك"، لأنك "تزعجني" - "لم يعد بإمكاني التأثير عليك وأنا خائف من هذا". من المهم في وقت الصراع أن تتحول من كبرياءك الجريح وأن تكون قادرًا على الشعور بالأسف على الوالد المسيء، وأن تفهم أنه يشعر بالسوء بالفعل، وأن العاصفة تندلع في روحه، وبالتالي لا ينبغي عليك التعامل مع مثل هذه العبارات مثل تقييم نقدي لنفسك والرد بالمثل. يمكنك مقارنة مثل هذا الشخص بمريض هذياني - بعد كل شيء، لا أحد منا يفكر في الإهانة الخطيرة لما يقوله الشخص في اللاوعي. أيضًا، لا تحاول تبرير نفسك أو إثبات شيء ما، فمن الأفضل الانتظار قليلاً حتى تهدأ المشاعر وتبدأ القدرة على التفكير المنطقي. ثم يمكنك محاولة التعبير عن رأيك.

الشيء الرئيسي هو عدم اقتحام الإهانات المتبادلة والتوبيخ والمواجهات وعدم الصراخ. هذا بالتأكيد لن يجلب أي شيء جيد، بل سيجعل الأمر أسوأ. لأنه بعد ذلك سيكون هناك شعور بالذنب يصعب التخلص منه. ولكن إذا لم تتمكن من المقاومة، فمن المهم على الأقل فهم كل هذا لاحقًا واتخاذ الخطوة الأولى نحو المصالحة. هذا عمل يستحق شخص بالغ.

وأخيرا، أود أن أشير إلى ذلك. بغض النظر عن آبائنا، ما زلنا نحبهم ويجب أن نكون ممتنين لهم لمنحنا الحياة وتربيتنا. حتى لو لم يفعلوا ذلك بالطريقة التي تريدها. كلنا بشر ولسنا محصنين ضد الأخطاء. وأفضل طريقة لتحسين العلاقات مع أي شخص هي محاولة تغيير نفسك، وعدم انتظار التغيير من الشخص الآخر.

ربما يكون من العدل وصف هنري بأنه "غير مركّز". بعد تخرجه من جامعة هارفارد، عاد إلى منزل والديه كطفل كبير في السن وأدرك على الفور مدى صعوبة أن تكون شابًا بالغًا.

على الرغم من تخرجه من جامعة هارفارد خلال فترة الركود، تمكن هنري من العثور على وظيفة تدريس، ولكن بعد أسبوعين قرر أنها ليست مناسبة له واستقال. استغرق الأمر بعض الوقت للعثور على هدفه - فقد عمل في مصنع أقلام الرصاص الخاص بوالده، وقام بتوزيع المجلات، وقام ببعض التدريس والدروس الخصوصية، وحتى جرف السماد لفترة من الوقت قبل أن يجد هدفه الحقيقي في الكتابة ويتفوق فيه.

نشر هنري كتابه الأول، أسبوع على نهري كونكورد ومريماك، عندما كان عمره 31 عامًا، بعد أن أمضى 12 عامًا يتنقل بين العيش مع والديه، والعيش بمفرده، والتسكع مع صديق يؤمن بإمكانياته. وكتب صديقه: "[إنه] عالم وشاعر ومليء بالمواهب، وإن لم يتم الكشف عنها بعد، مثل براعم على شجرة تفاح صغيرة"، وتبين أنه كان على حق. ربما ارتكب أخطاء عندما كان شابًا بالغًا، لكن هنري ديفيد ثورو يقف على قدميه الآن. (بالمناسبة، كان ذلك الصديق نفسه هو رالف والدو إيمرسون).

ولم يكن هذا المسار غير عادي في القرن التاسع عشر، على الأقل بين البيض في الولايات المتحدة. في حياة الشباب، غالبًا ما يتم استبدال فترات الاستقلال بفترات من التبعية. إذا كان هذا يبدو مفاجئًا، فذلك لأن هناك "أسطورة مفادها أن الانتقال إلى مرحلة البلوغ كان أكثر سلاسة وسلاسة في الماضي"، كما كتب ستيفن مينتز، أستاذ جامعة تكساس في أوستن، في كتابه "تاريخ البلوغ" The Prime of Life.

في الواقع، إذا كنت تفكر في الانتقال إلى مرحلة البلوغ كمجموعة من العلامات المختلفة - الحصول على وظيفة، الابتعاد عن والديك، الزواج، إنجاب الأطفال - فإن التاريخ، باستثناء الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، يثبت أن الناس أصبحوا بالغين في أسرع وقت ممكن بأي طريقة لا يمكن التنبؤ بها.

ومع ذلك، تظل هذه العلامات مؤشرات مقبولة عمومًا لمرحلة البلوغ حتى يومنا هذا، وعندما يستغرق شخص ما وقتًا طويلاً لاكتسابها، أو عندما يقرر شخص ما التخلي عنها، يصبح الأمر مصدرًا للرثاء الذي لا يشعر به الكبار بشكل عام. في حين أن الشكوى من عادات الشباب وقيمهم هي حكر أبدي على كبار السن، إلا أن الكثير من الشباب ما زالوا يشعرون وكأنهم يعيشون مثل والديهم.

تقول كيلي ويليامز براون، مؤلفة كتاب "الكبار: كيف تصبح بالغًا في 468 خطوة سهلة. "أعتقد أن الانتقال [من الطفولة إلى البلوغ] أمر صعب حقًا". الكبار في 468 خطوة بسيطة" و مدونة تقدم فيها النصائح حول كيفية التعامل مع مرحلة البلوغ.

“لا يقتصر الأمر على جيل الألفية فقط الذين يواجهون صعوبة في ذلك؛ ويبدو لي أن الجيل العاشر واجه أيضًا أوقاتًا عصيبة، كما حدث مع جيل طفرة المواليد. فجأة تجد نفسك في عالم مفتوح مع هذه المجموعة المجنونة من الخيارات الممكنة ولكن ليس لديك أي فكرة عن أي منها تختار. من المحتمل أن أمك وأبوك قد أعطاك الكثير من النصائح، ومع ذلك فأنت تعيش مثل المتوحش الذي، بسبب نقص ورق التواليت، مجبر على استخدام مناديل أربي.

العمر في حد ذاته لا يجعل أي شخص بالغًا. وماذا يفعل؟ في الولايات المتحدة، يتزوج الناس وينجبون أطفالًا في سن متأخرة، لكن هذه كلها مجرد سمات إضافية لحياة البالغين، وليس جوهرها. يتحدث علماء النفس عن فترة المراهقة الطويلة أو مرحلة البلوغ الناشئة التي يمر بها الإنسان بين سن 20 و30 عاما، ولكن متى تشكلت؟ ما الذي يجعلك في النهاية شخصًا بالغًا حقًا؟

قررت أن أحاول الإجابة على هذا السؤال قدر استطاعتي، لكنني أحذرك مقدمًا: لا توجد إجابة واحدة، فهناك العديد من الحلول المعقدة والمتعددة الأوجه. أو كما يقول مينتز: "بدلاً من التفسير المعقد، فإنك تقدم تفسيراً ما بعد الحداثي". وبما أن وجهة نظر الشخص الخارجي لا تخبرني بأي شيء على الإطلاق، فقد طلبت من القراء أن يخبروني متى شعروا وكأنهم أصبحوا بالغين (إذا كانوا قد فعلوا ذلك على الإطلاق بالطبع)، وقمت بتضمين بعض الردود في المقالة لإظهار كل من الحالات الفردية والحالة. الاتجاه العام .

"أن تصبح شخصًا بالغًا" هو مفهوم مراوغ وتجريدي أكثر مما كنت أعتقد عندما كنت أصغر سناً. لقد افترضت أنك تصل إلى عمر معين وأن كل شيء يصبح منطقيًا فجأة. آه، يا قلبي الشاب المسكين، كم كنت مخطئًا!

عمري الآن 28 عامًا وأستطيع أن أقول إنني أشعر أحيانًا بأنني شخص بالغ، لكن في معظم الأوقات لا أشعر بذلك. إن محاولة أن تكون شخصًا بالغًا بينما تكون من جيل الألفية أمر مربك للغاية. لا أستطيع معرفة ما إذا كان ينبغي لي أن أبدأ مؤسسة غير ربحية، أو أن أحصل على درجة علمية أخرى، أو أن أقوم بتطوير مشروع ريادي مربح، أو أن أسافر حول العالم وأعرضه على الإنترنت. يبدو الأمر في معظمه وكأنك تحاول الحصول على وظيفة لن تسدد أبدًا ديونك الطلابية، في مجال لم تدرسه من قبل. ومن ثم، إذا اتبعت المثل التقليدي لما يعنيه أن تكون بالغًا، فأنا بالتأكيد مقصر. أنا أعزب وليس لدي مهنة طويلة الأمد ومستقرة ماليًا. أدركت أنني أحاول أن أضع نفسي ضمن معايير غير واقعية على الإطلاق - نظرًا للأزمة الاقتصادية وحقيقة أن مواعدة شخص ما في جيل الألفية أمر مرهق - فمن غير العدل أن أحكم على نفسي، لكنني أعترف أنني غالبًا ما أقع في "فخ المقارنة" هذا. أحيانًا يكون ذلك لأنني أريد فقط الحصول على تلك السمات، وأحيانًا يكون ذلك بسبب Instagram فقط.

ليس لدي أي شيء مرتب على الرفوف، بل كل شيء متناثر في أنحاء الشقة.

(في النص الأصلي كانت بطاتي ليست في صف واحد، إنها تتجول - في إشارة إلى الوحدة اللغوية بطاتي في صف واحد، والتي تشير إلى التخطيط واستقرار حياة المتحدث - تقريبا. نيوبوت)

ماريا إليوسينوتيس

النضج هو بناء اجتماعي. وفي هذا الصدد، كذلك الطفولة. ولكن مثل أي بنيات اجتماعية أخرى، فإن لها تأثيرًا محددًا جدًا على حياتنا. إنهم يحددون من هو المسؤول قانونًا عن أفعالهم ومن ليس مسؤولاً، وما هي الأدوار التي يمكن للناس القيام بها في المجتمع، وكيف ينظر الناس إلى بعضهم البعض وإلى أنفسهم. ولكن حتى عندما يكون من الأسهل تحديد الفرق - المجال التشريعي، والنمو البدني - فإن مفهوم البلوغ يظل صعبا.

في الولايات المتحدة، لا يمكنك شرب الكحول حتى تبلغ 21 عامًا، ولكن بموجب القانون تصبح بالغًا في سن 18 عامًا، وهو الوقت الذي تحصل فيه على حق التصويت والقدرة على الانضمام إلى الجيش. أم لا؟ يمكنك مشاهدة أفلام البالغين بدءًا من سن 17 عامًا. ويمكنك بشكل عام العمل بدءًا من سن 14 عامًا، إذا كانت قوانين الولاية تسمح بذلك، وغالبًا ما يكون توصيل الصحف أو مجالسة الأطفال أو العمل لدى الوالدين مبكرًا.

"العمر الزمني ليس مؤشرا جيدا جدا [للنضج]، ولكن يجب استخدامه لأسباب عملية"، يعترف لورانس شتاينبرغ، أستاذ علم النفس المتميز في جامعة تمبل. - نعلم جميعًا أشخاصًا تتراوح أعمارهم بين 21 أو 22 عامًا، وهم بالفعل حكماء وناضجون للغاية، لكننا نعرف أيضًا أشخاصًا غير ناضجين ومتهورين. لن نقوم بترتيب اختبارات النضج لتحديد ما إذا كان الشخص يستطيع شراء الكحول أم لا.

إحدى طرق تعريف مرحلة البلوغ هي النضج الجسدي للجسم - فمن المؤكد أنه لا بد من وجود نقطة يتوقف عندها الشخص عن النمو الجسدي ويصبح رسميًا كائنًا "بالغًا"؟

ومع ذلك، كل هذا يتوقف على كيفية القياس. يحدث البلوغ بعد البلوغ، لكنه يمكن أن يبدأ في أي وقت بين سن 8 و13 عامًا للفتيات وبين سن 9 و14 عامًا للصبيان، وسيكون "طبيعيًا"، وفقًا للمعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية.

النطاق واسع، وحتى لو لم يكن الأمر كذلك، فمجرد وصولك إلى سن البلوغ لا يعني أنك توقفت عن النمو. لعدة قرون، كان مستوى تطور الهيكل العظمي مقياسًا للنضج. بموجب قانون المصانع البريطاني لعام 1833، كان ظهور الضرس الثاني (الضرس الثاني الدائم ينمو عادة بين سن 11 و13 عامًا) يعتبر علامة على أن الطفل مستعد للعمل في المصنع. واليوم، تُستخدم الأشعة السينية للأسنان والمعصمين لتحديد عمر الأطفال اللاجئين الذين يطلبون اللجوء، ولكن كلا الاختبارين لا يمكن الاعتماد عليهما.

يعتمد نضج الهيكل العظمي على أي جزء من الهيكل العظمي ندرسه. على سبيل المثال، تظهر ضروس العقل بين سن 17 و21 عاما، كما أن عظام اليد والرسغ، التي غالبا ما تستخدم لتحديد العمر، تصل إلى مرحلة النضج بمعدلات مختلفة، وفقا لنويل كاميرون، أستاذ علم التشريح البشري بجامعة لوبورو البريطانية. يكتمل نمو عظام الرسغ في عمر 13 أو 14 عامًا، والعظام الأخرى - نصف القطر، والزند، والمشط، والسلاميات - في الفترة من 15 إلى 18 عامًا. آخر عظمة في الجسم تصل إلى مرحلة النضج، عظمة الترقوة، يكتمل نموها بين سن 25 و35 عامًا. ويقول كاميرون إن عوامل مثل البيئة ومستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن تؤثر على معدل نضوج العظام، لذلك قد يتأخر اللاجئون من البلدان النامية في نموهم.

يقول كاميرون: "العمر الزمني ليس علامة بيولوجية". "جميع العمليات البيولوجية الطبيعية هي سلسلة متصلة سلسة."

لا أعتقد أنني بالغ بعد. أنا طالب أمريكي يبلغ من العمر 21 عامًا وأعيش بشكل حصري تقريبًا على أموال والدي. على مدى السنوات القليلة الماضية، شعرت بالضغط - سواء البيولوجي أو من المجتمع - للخروج من تحت نير مساعدة الوالدين. أشعر أنني لن أصبح "بالغًا" حقيقيًا إلا عندما أتمكن من إعالة نفسي ماليًا. لقد مرت بالفعل بعض علامات البلوغ التقليدية (عيد الميلاد الثامن عشر، عيد الميلاد الحادي والعشرون)، ولا أشعر بأنني أكثر نضجًا، ولا أعتقد أن الزواج سيغير شيئًا إلا إذا جاء مع الاستقلال المالي. المال مهم لأنه بعد سن معينة يحدد بشكل أساسي ما يمكنك وما لا يمكنك فعله. وأعتقد أنه بالنسبة لي، حرية اختيار ما تريده في حياتك هي ما يجعلك شخصًا بالغًا.

ستيفن جريبس

وبالتالي، فإن التغيرات الجسدية لا تساعد كثيرًا في تحديد النضج. وماذا عن الثقافية؟ يخضع الأشخاص لاحتفالات بلوغ سن الرشد، مثل احتفالات بلوغ سن الرشد، أو احتفالات بار ميتزفاه، أو التأكيد الكاثوليكي، ويصبحون بالغين. في الواقع، في مجتمع اليوم، لا تزال الفتاة البالغة من العمر 13 عامًا تعتمد على والديها بعد بلوغها سن البلوغ. ربما تتحمل مسؤولية أكبر في الكنيس، لكن هذه ليست سوى خطوة واحدة على طريق طويل وبطيء نحو البلوغ. تشير فكرة مراسم بلوغ سن الرشد إلى وجود زر يمكن الضغط عليه في اللحظة المناسبة.

التخرج من المدارس والكليات هي احتفالات تم إنشاؤها من أجل الضغط على هذا الزر أو قلب الشرابة الموجودة على قبعة الكونفدرالية (تعد شرابة liripip عنصرًا مهمًا جدًا في الزي الأكاديمي. أولئك الذين يواصلون دراستهم يرتدونها على الجانب الأيمن من قبعة الكونفدرالية، بينما اكتسب الخريجون الحق في ارتدائه على اليسار.إن رمي الشرابة هو لحظة مميزة في حفل التخرج - تقريبا. نيوبوت) في بعض الأحيان لمئات الأشخاص في نفس الوقت. لكن نادرا ما يجد الناس أنفسهم على الفور في حياة البالغين الكاملة، والتخرج بعيد عن أن يكون حدثا عالميا. وقد لعب كل من التعليم الثانوي والعالي دوراً كبيراً في زيادة الفترة الانتقالية بين الطفولة والبلوغ.

في القرن التاسع عشر، أدت موجة من الإصلاحات التعليمية في الولايات المتحدة إلى القضاء على النظام المربك للتعليم المدرسي والمنزلي، واستبداله بالمدارس الابتدائية والثانوية العامة مع فصل الفصول حسب العمر. وبحلول عام 1918، كان لدى كل ولاية قوانين الالتحاق بالمدارس الإلزامية. وبحسب مينتز، فإن هذه الإصلاحات تهدف إلى "خلق سلم مؤسسي لجميع الشباب، مما يسمح لهم بالوصول إلى مرحلة النضج بمساعدة خطوات معدة مسبقًا". الجهود المعاصرة لزيادة الوصول إلى الكلية لها هدف مماثل.

إن إضفاء الطابع الرسمي على الفترة الانتقالية، عندما يدرس الناس حتى يبلغوا 21 أو 22 عامًا، يتناسب جيدًا مع ما يعرفه العلماء عن الدماغ الناضج.

وفقًا لشتاينبرغ، الذي يدرس البلوغ وتطور الدماغ، في سن 22 أو 23 عامًا تقريبًا، يكون الدماغ قد أكمل تطوره بشكل عام. هذا لا يعني أنه لا يمكنك الاستمرار في التعلم - بل يمكنك ذلك! اكتشف علماء الأعصاب أن الدماغ لا يزال "بلاستيكيا" - طيعاً وقابلاً للتغيير - طوال الحياة. لكن مرونة الدماغ البالغ تختلف عن اللدونة في مرحلة النمو، عندما يتم إنشاء تلافيفات جديدة ويتم تدمير التلافيف غير الضرورية. لا تزال مرونة الدماغ البالغ تسمح بالتغيير، ولكن في هذه المرحلة لن تتغير الهياكل العصبية.

يقول ستاينبرغ: "إنه مثل الفرق بين الإصلاح الشامل وتجديد مظهر منزلك".

ومع ذلك، يصل عدد كبير من وظائف المخ إلى مرحلة النضج قبل هذه الفترة. تصل الوظائف التنفيذية للدماغ، مثل التفكير المنطقي والتخطيط وعمليات التفكير العليا الأخرى، إلى "مستوى النضج بحلول سن 16 عامًا أو نحو ذلك"، وفقًا لستاينبرج. لذلك، يجب على الشخص الذي يبلغ من العمر 16 عامًا أن يؤدي أداءً جيدًا مثل أي شخص أكبر سنًا في اختبارات المنطق.

بوريس سوسنوفي / شترستوك / svetography / ستيكوك / فوتوليا / بول سبيلا / المحيط الأطلسي

يستغرق الأمر وقتًا أطول قليلاً لتطوير الروابط بين قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن عملية التفكير، والجهاز الحوفي، الذي يشكل العواطف والدوافع الطبيعية: للقتال، والنعيم، وتناول الطعام، والترفيه، كما يقول جيمس جريفين، نائب الرئيس. قسم تنمية الطفل وسلوكه في NICHD (المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية). إذا لم تتشكل هذه الروابط بشكل كامل، فسوف يميل الشخص إلى الاندفاع. وهذا ما يفسر جزئياً قرار المحكمة العليا بفرض حدود السجن مدى الحياة على الشباب. وذكرت المحكمة في حكمها الصادر عام 2010 أن "الاكتشافات الجديدة في أبحاث الدماغ وعلم النفس تشير باستمرار إلى اختلافات جوهرية في عقول البالغين والمراهقين". "على سبيل المثال، لا تزال مناطق الدماغ المسؤولة عن ضبط النفس تتطور خلال مرحلة المراهقة المتأخرة (من حوالي 18 إلى 21 عامًا)... الشباب أكثر عرضة للتغيير، لذلك لا ينبغي دائمًا اعتبار أفعالهم السيئة علامات على سوء سلوكهم". "شخصية متضررة بشكل لا رجعة فيه"، على عكس تصرفات البالغين.

ومع ذلك، وفقا لشتاينبرغ، فإن مسألة النضج تعتمد على المهام المطروحة. على سبيل المثال، يعتقد أن الشخص قادر على التصويت من سن 16 عاما بسبب التفكير المنطقي المكتمل، على الرغم من أن مناطق أخرى من الدماغ لا تزال تتطور. يؤكد شتاينبرغ: "ليس من الضروري أن يكون طولك 1.80 مترًا للوصول إلى الرف الذي يبلغ ارتفاعه 1.50 مترًا". "أعتقد أنه سيكون من الصعب تسمية أي قدرات ضرورية للإدلاء بصوتك بوعي، والتي تتطور بعد 16 عامًا. إن قرار المراهق [في الانتخابات] لن يكون أكثر غباء مما سيتخذه عندما يصبح بالغا”.

أنا طبيبة أمراض النساء والتوليد وغالباً ما ألاحظ كيف تتعامل النساء مع تغيرات الحياة. أرى كيف يتصرف المرضى الصغار (حوالي 20 عامًا) مثل البالغين، معتقدين أنهم "يعرفون كل شيء جيدًا". أرى كيف تتعلم هؤلاء الفتيات أن يصبحن أمهات، ويأسفن لأنه ليس لديهن إرشادات واضحة - إنهن في حيرة من أمرهن. يحاول البعض التعافي بعد الطلاق، والبعض الآخر يتمسك بالشباب بعد انقطاع الطمث. لذلك كنت أفكر في النمو لفترة من الوقت.

أنا أم لثلاثة أطفال في سن المدرسة الابتدائية، وأنا متزوجة (للأسف)، وما زلت لا أشعر بأنني شخص بالغ. عندما خانني زوجي، كان ذلك بمثابة جرس إنذار. نشأت الأسئلة: "ماذا أريد؟"، "ما الذي يجعلني سعيدا؟" أعتقد أن الكثيرين، مثلي، عاشوا الحياة دون أن يفكروا فيها. في تلك اللحظة، شعرت، امرأة تبلغ من العمر 40 عامًا، أنني أصبحت شخصًا بالغًا، لكن هذه العملية لم تكتمل بعد. عندما بدأت مشاكل زواجي، لجأت إلى معالج نفسي (كان علي أن أفعل ذلك عندما كنت في العشرين من عمري). الآن فقط بدأت أتعلم وأفهم نفسي حقًا. لا أعرف إذا كنا سنتمكن من إنقاذ الزواج، وكيف سيؤثر ذلك عليّ أو على الأطفال في المستقبل. أظن أنه إذا تركت زوجي، فسوف أشعر بأنني شخص بالغ لأنني سأفعل شيئًا من أجلي.

يبدو لي أن إجابة السؤال "متى تصبح بالغًا" تتعلق بالوقت الذي تتعلم فيه إدراك نفسك. مريضاتي اللاتي يحاولن إيقاف الزمن ولا يقبلن انقطاع الطمث لا يبدو أنهن بالغات، على الرغم من أن أعمارهن قد تكون 40 أو 50 عامًا. المرضى الذين يحاولون التغلب على صعوبات الحياة هم الذين نضجوا حقًا. إنهم صغار، لكنهم قادرون على قبول أي تغييرات، وتغييرات غير مرغوب فيها في أجسادهم، وقلة النوم المستمرة بسبب الأطفال - فهم يقبلون ما لا يمكنهم تغييره.

في الكلية كان لدينا أستاذ بدا وكأنه يتخيل نفسه محرضًا - وفي كل فرصة كان يحاول إسقاط "قنبلة الحقيقة" علينا. العديد من هذه "القنابل" تجنبتني، لكن واحدة أصابت الهدف. لا أتذكر السبب، لكنه توقف ذات يوم في الفصل وأعلن: «بين سن 22 و25 عامًا، لن تكون سعيدًا. أنا آسف، ولكن إذا كنت مثل معظم الناس، فسوف تضطر إلى المعاناة".

هذه الكلمة بالذات، "أن تعاني"، كانت عالقة بقوة في رأسي، وكانت "مهترئة" مثل حصاة ناعمة - كنت أتذكرها في كل مرة تهربت فيها مني الحياة التي حلمت بها. "الكدح" هي الكلمة الصحيحة لشرح ما يحدث للناس في هذا العصر.

الصعوبات التي يواجهها العديد من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 عامًا دفعت جيفري جنسن أرنيت، في أواخر التسعينيات، إلى تجميع هذه السنوات في مرحلة حياة واحدة تسمى "مرحلة البلوغ الناشئة"، وهي الفترة الانتقالية الغامضة بين المراهقة والبلوغ الحقيقي. ولا يمكن التنبؤ بحدوده إلى درجة أن جنسن أرنيت، أستاذ علم النفس بجامعة كلارك، يقول إن الحد الأعلى لهذا العمر يمكن اعتباره إما 25 أو 29 عامًا. ومع ذلك، فهو يعتقد أن فترة المراهقة تنتهي عند سن 18 عامًا، عندما يتخرج الأشخاص عادةً من المدرسة ويتركون منزل والديهم ويصبحون بالغين قانونيًا. ينتهي تكوين النضج عندما يكون الشخص جاهزًا لذلك.

يثير عدم اليقين هذا خلافًا حول ما إذا كان من المستحسن التمييز بين تكوين النضج كمرحلة حياة منفصلة. شتاينبرغ، على سبيل المثال، لا يعتقد ذلك. "أنا لست من مؤيدي تحديد تكوين النضج كمرحلة معينة من الحياة. أعتقد أنه من المنطقي التفكير في الأمر كامتداد للمراهقة. في كتابه "عصر الفرص"، حدد أن المراهقة تبدأ عند البلوغ وتستمر حتى يتولى الشخص الأدوار الاجتماعية البالغة. ويكتب أنه في القرن التاسع عشر، بالنسبة للفتيات، كانت الفترة بين الحيض الأول والزواج تستغرق حوالي خمس سنوات. في عام 2010، كان هذا بالفعل 15 عامًا، حيث انخفض سن الحيض (الحيض الأول) وارتفع سن الزواج.

يجادل منتقدون آخرون لمفهوم مرحلة البلوغ الناشئة بأنه لا يستحق اختراع مرحلة حياة منفصلة لمجرد أن الفترة بين 18 و 25 (أم أنها 29؟) هي فترة انتقالية. "قد تحدث تغييرات في الظروف المعيشية، لكن التنمية البشرية لا يمكن مقارنتها ببعض التغييرات البسيطة"، يكتب مؤلف أحد هذه الأعمال.

"هناك أمثلة قليلة في الأدبيات التي لا يمكن وصفها بالمصطلحات المألوفة للمراهقة المتأخرة أو البلوغ المبكر"، كما كتب عالم الاجتماع جيمس كوثي، مؤلف عمل نقدي آخر.

"أميل إلى الاعتقاد بأن هذه المناقشة برمتها حول ما يمكن تسميته بالأشخاص في هذا العصر هي مجرد خلق ارتباك. يقول شتاينبرغ: "لكن الشيء المهم حقًا هو أن الفترة الانتقالية تستغرق المزيد والمزيد من الوقت".

وهذا ينطبق على العديد من الأشخاص الذين، بعد عدة سنوات من ترك المدرسة، بعد أن تحرروا من والديهم، ما زالوا غير متزوجين وليس لديهم أطفال.

ويمكن تفسير ذلك جزئيًا بحقيقة أن أدوار الزوج والوالد لا تعتبر اليوم من السمات الضرورية للنضج.

يركز جنسن أرنيت في بحثه حول هذا الموضوع على ما يسميه معايير النضج "الثلاثة الكبار"، والتي تعتبر السمات الأساسية للشخص البالغ: المسؤولية الذاتية، اتخاذ القرار، والاستقلال المالي. وتحظى هذه العوامل الثلاثة بتقدير كبير ليس فقط في الولايات المتحدة، بل وأيضاً في العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك الصين واليونان وإسرائيل والهند والأرجنتين. ولكن في بعض الثقافات تندرج قيم أخرى أيضًا في هذه القائمة. على سبيل المثال، في الصين تحظى القدرة على إعالة الوالدين مالياً بتقدير كبير، في حين تحظى القدرة على حماية الأسرة مادياً بتقدير كبير في الهند.

اثنان من العوامل الثلاثة الكبرى ذاتيتان. يمكنك قياس الأمان المالي، لكن كيف تعرف أنك مستقل ومسؤول؟ يجب على الجميع أن يقرروا مثل هذه الأمور لأنفسهم. عندما حدد عالم النفس التنموي إريك إريكسون المراحل الرئيسية للتطور النفسي البشري، ظهر في كل مرحلة منها سؤال يحتاج إلى إجابة (في أحسن الأحوال) في هذه المرحلة. في مرحلة المراهقة، يتعلق الأمر بالهوية الذاتية - عليك أن تفهم نفسك وتجد مكانك في العالم. يقول إريكسون إنه خلال مرحلة البلوغ المبكرة، يتحول الاهتمام إلى التواصل الوثيق وتكوين صداقات وثيقة وعلاقات رومانسية.

يدرس أنتوني بورو، عميد التنمية البشرية في جامعة كورنيل، ما إذا كان الشباب لديهم إحساس بالهدف في الحياة. أجرى هو وزملاؤه دراسة ووجدوا أن أهداف طلاب الجامعات مرتبطة بالرفاهية. وفقًا لبحث بورو، كان وجود هدف مرتبطًا بزيادة الرضا عن الحياة والمزاج الإيجابي. وقاموا بقياس الوعي بالهوية الذاتية والغرض من الحياة من خلال مطالبة الأشخاص بتقييم عبارات مثل "أبحث عن هدف أو مهمة في حياتي". إن حقيقة البحث عن أحدهما أو الآخر تشير بالتأكيد إلى حالة أكثر قلقًا ورضا أقل عن الحياة. لكن دراسة أخرى أظهرت أن التحليل الذاتي هو خطوة نحو تكوين الهوية الذاتية، وكلما حدثت هذه العملية بشكل أكثر نشاطا في الشخص، كلما زاد احتمال أن يعتبر نفسه شخصا بالغا.

بمعنى آخر، "النضال" ليس ممتعًا، لكنه مهم جدًا.

يبدو أن فترة المراهقة المتأخرة والمراهقة المبكرة هي أفضل الأوقات لاكتشاف الذات، لأنه مع تقدمك في السن، تأتي الحياة بمسؤوليات جديدة. يقول بورو: "لا يقتصر الأمر على قلة التفكير الذاتي كشخص بالغ بسبب التزامات العمل أو الأسرة، بل يمكن أن يكون له تكلفة أيضًا". - "إذا كنت تبحث عن نفسك كشخص بالغ، ولم يكن لديك الوقت للقيام بذلك في وقت سابق، فأنت لست فردًا نادرًا جدًا فحسب، بل تتوقع أيضًا خسائر أكبر - من الناحية الفسيولوجية أو النفسية أو الاجتماعية - من نفس الجهود، ولكن في سن مبكرة"

يلخص جنسن أرنيت الأمر بكلمات تايلور سويفت، مغنية الريف في مرحلة البلوغ الناشئة، في كلمات أغنية "22". "انها على حق. نحن سعداء وأحرار ومرتبكون ووحيدون في نفس الوقت. وهذا ما يقال بشكل مناسب للغاية.

اسمحوا لي أن أبدأ بالقول إنني أشعر بالغضب الشديد إزاء الأشخاص في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر الذين يزعمون أنهم يشعرون وكأنهم أطفال، "يبحثون عن أنفسهم"، أو لا يعرفون ماذا يريدون أن يفعلوا "عندما يكبرون".

بدأت الدراسة لأصبح طبيبة في أوائل العشرينات من عمري. ثم عملت بعد ذلك كمتدربة في سان فرانسيسكو خلال فترة وباء فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز التي طال أمدها. في أحد الأيام ذهبت لرؤية شاب مصاب بمرض خطير (كان أصغر مني الآن) في وقت متأخر من الليل. كان صديقه معه، بالتأكيد علاقة طويلة الأمد، وكان من الواضح أنه مصاب أيضًا بفيروس نقص المناعة البشرية. أخبرته أن صديقه قد مات.

في ذلك العام، كان علي أنا وزملائي أن نتحدث عن وفاة شخص ما لعائلته وأصدقائه: الأزواج أو الأطفال أو الوالدين أو الإخوة أو الأخوات أو الأصدقاء. أخبرنا الناس أنهم مصابون بالسرطان أو فيروس نقص المناعة البشرية. كان علينا البقاء في المستشفى لمدة 36 ساعة. وذلك عندما أصبحت بالغًا وعوملت على هذا النحو. لم يهتم أحد بنا، لقد تركنا لوحدنا. وقد تمكنا بطريقة ما. نعم، كنا صغارًا، وأحيانًا كان الأمر محسوسًا، لكننا لم نعد أطفالًا. أعتقد أن هذه التجربة تساعدنا الآن لأننا لم نعد طلاب طب ونعيش في مدينة كبيرة براتب متواضع.

هكذا أصبحت بالغًا. من الواضح أنه من المستحيل الإجابة بدقة على سؤال متى تتحول الشتلة إلى شجرة. ويمكن قول الشيء نفسه عن أي عملية بطيئة. كل ما يمكنني قوله هو أنني كنت أملك إمكانات شخص بالغ، وكنت على استعداد لقبول المسؤولية. أنشطتك، التي تنتمي إلى شيء أكبر، وتشعر بأنها جزء من العملية التاريخية، وأقرانك - كل هذا يهم.

بدون هدف، عمل، صعوبات، دون التفاعل مع أشخاص آخرين، ربما تشعر وكأنك طفل حتى في عمر 35-40 عامًا - أحيانًا أقابل هؤلاء الأشخاص! وهذا فظيع.

في كل مرحلة من مراحل الحياة، كما يقول روبرت هافينج هيرست (الباحث المتميز في القرن العشرين الذي تناول قضايا التعليم - تقريبا. نيوبوت)، هناك قائمة "بمهام التطوير". على عكس المعايير الفردية التي يتم تقديمها عادة اليوم، كانت مهامه محددة تمامًا: العثور على شاب/صديقة، وتعلم كيفية العيش مع شريك حياتك، وتربية الأطفال، وإتقان مهنة، وإدارة الأعمال المنزلية. هذه هي المسؤوليات التقليدية للشخص البالغ، وهي تشكل ما أسميه "كونك شخصًا بالغًا، اترك الأمر لسمور". تقريبا. نيوبوت) - القيم التي يُدان جيل الألفية في كثير من الأحيان لعدم احترامها وعدم الوفاء بها.

قال لي جنسن أرنيت: "لقد قمت بإجراء تشبيه مضحك مع عبارة "اترك الأمر لبيفر". - "أتذكر هذا المسلسل، ولكنني على استعداد للمراهنة على أنه توقف عن البث قبل 30 عامًا من ولادتك." (شاهدت التسجيل).

ابتكر هيفينجهيرست نظريته في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وتتحدث عنه مجموعة المهام المقترحة كرجل في ذلك الوقت. بفضل الازدهار الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح الوصول إلى مرحلة نضج بيفر أكثر سهولة من أي وقت مضى. حتى بالنسبة لأصغر البالغين. يكتب مينتز أن الشباب يمكنهم الحصول على وظائف بسهولة. - لذلك في بعض الأحيان لم تكن هناك حاجة للتعليم العالي للعثور على وظيفة لائقة وإعالة الأسرة. في مجتمع ذلك الوقت، تم تقدير الزواج أعلى بكثير من المعاشرة البسيطة، مما أدى إلى العمل والزوجة والأطفال.

لكن هذا شذوذ تاريخي. "باستثناء فترة قصيرة بعد الحرب العالمية الثانية، كان من غير المعتاد أن يصل الشباب إلى مكانة الشخص البالغ قبل سن الثلاثين"، كما كتب مينتز. تمامًا مثل هنري ثورو، كان على العديد من الأشخاص الناجحين في كثير من الأحيان تجربة التجربة والخطأ. لم يكن الماضي "ممتلئًا" بالبالغين المفرطين في المسؤولية الذين ساروا في الشوارع بهدوء وهم يرتدون بدلات ونظارات من ثلاث قطع، ويدرسون المستندات الضريبية ويقولون: "حسنًا، نعم، تمامًا"، حتى تم تدمير شباب العصر الحديث، ببطالتهم ولغتهم العامية. إنه وقت مجيد. ثم قام الشباب أيضًا بالبحث والمحاولة وارتكبوا الأخطاء وعادوا إلى منازلهم؛ جاءت الشابات في القرن التاسع عشر إلى المدينة للعثور على وظائف تدفع أجورًا أعلى من أجور الرجال. قبل الزواج، كان على بعض الشباب الانتظار حتى وفاة والديهم للحصول على الميراث. لحسن الحظ، اليوم ليست هناك حاجة لمثل هذا السبب الكئيب لتأجيل الزواج.

جيلمار / ستوكييماجيس / فاشون ستوك / شترستوك / بول سبيلا / ذا أتلانتيك

الوقت الذهبي للنمو السهل لم يدم طويلا. ابتداءً من الستينيات، بدأ متوسط ​​سن الزواج في الارتفاع، وأصبح التعليم الثانوي ذا أهمية متزايدة للحصول على وظيفة تدر دخلاً للطبقة المتوسطة. حتى بالنسبة لأولئك الذين احترموا قيم "اترك الأمر لبيفر"، أصبح تحقيق مثل هذه الرفاهية أمرًا صعبًا بشكل متزايد.

"لقد توصلت إلى الاعتقاد بأن سبب العداء هو حقيقة أن الأمور قد تغيرت بسرعة كبيرة. يقول جنسن أرنيت. - يقارن الأشخاص في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بين الجيل الحالي وأنفسهم خلال فترة شبابهم، ويبدو أن الشباب الحديث أقل شأناً منهم. لكن بالنسبة لي، مثل هذا الاعتقاد أناني إلى حد ما، وهو أمر مضحك لأن هذا هو بالضبط ما يتهم به الشباب المعاصر، الأنانية. أعتقد أن الأنانية في هذه الحالة هي أكثر سمات الجيل الأكبر سنا.

وفقًا لجنسن أرنيت، لا يزال العديد من الشباب يعتبرون أهدافهم هي: بناء مهنة، أو الزواج، أو إنجاب الأطفال (أو شيء مشابه). إنهم لا يعتبرونه معيارًا للنضج. لسوء الحظ، لا يوجد إجماع في المجتمع وقد لا ينظر كبار السن إلى شخص ما على أنه شخص بالغ لا يتمتع بهذه الصفات. لكي تصبح شخصًا بالغًا، من المهم أن ينظر إليك الآخرون على هذا النحو، ويمكن أن يساعدك اتباع هذه الإرشادات في إقناع الجميع (بما في ذلك أنت) بأنك أصبحت مسؤولاً.

في مسألة النضج، كما هو الحال في الحياة، قد يكون الشيء الرئيسي للإنسان في النهاية هو ما يفتقر إليه. عندما كانت في العشرينيات من عمرها، ركزت ويليامز براون، مؤلفة مقال "الكبار"، في المقام الأول على حياتها المهنية، التي كانت هدفها. لكن في الوقت نفسه، كانت تشعر بالغيرة قليلاً من أصدقائها الذين بدأوا تكوين عائلات. يقول براون: "كان من الصعب جدًا رؤية ما أردت (وما زلت أريده) وإدراك أن الآخرين حصلوا عليه بالفعل وأنا لم أفعل ذلك". "على الرغم من أنني أعلم جيدًا أن السبب في ذلك هو قراري الواعي".

يبلغ عمر ويليامز براون الآن 31 عامًا، وقد تزوج قبل حوالي أسبوع من حديثنا. سألتها عما إذا كانت تشعر بأنها مختلفة وأكثر نضجًا بعد أن حققت مثل هذا الهدف المهم في الحياة؟

أجابت: "كنت متأكدة من أنني لن أشعر بأي شيء جديد، لأنني وزوجي نعيش معًا منذ أربع سنوات، عشنا معًا معظم هذه المرة". - "أما بالنسبة للعواطف... كان هناك مجرد شعور طفيف بالثبات. في اليوم التالي أخبرني أنه يشعر بالشباب والشيخوخة في نفس الوقت. الشباب لأن هذه مرحلة جديدة في الحياة، وكبار السن، لأن المشكلة الرئيسية لكثير من الناس من 20 إلى 30 سنة هي مع من سيقضون بقية حياتهم، ويبدو أن حل هذه المشكلة كبير وهام حدث."

وأضافت: "لكن لا يزال لدي بعض الأطباق القذرة في حوضي".

أعتقد أن المرة الوحيدة التي شعرت فيها بأنني شخص بالغ كانت عندما كنت عائداً إلى المنزل من عيادة جامعة واشنطن. كنت أركب في المقعد الخلفي لسيارة هوندا أكورد مع ابنتي الصغيرة المولودة حديثًا. كان زوجي يقود سيارته بحذر شديد، وأبقيت عيني عليها... كنت قلقة من أنها كانت صغيرة جدًا بالنسبة لمقعد السيارة، أو أنها ستتوقف فجأة عن التنفس، أو أن رأسها الصغير سينقلب. يبدو لي أننا في ذلك الوقت لم نكن نصدق أننا الآن مسؤولون عن هذا الرجل الصغير. ثم كان كتابنا المقدس هو كتاب "ماذا نتوقع في السنة الأولى"، كنا مسؤولين بالكامل عن حياة الطفل، لقد كان شعورًا بالدوار - شعور بالنضج. فجأة هناك شخص عليك أن تأخذه بعين الاعتبار في كل قرار تتخذه.

ديب بيسن

عمري الآن 53 عامًا وأتذكر حادثة واحدة جيدًا. كان ذلك في عام 2009، وكان على والدتي أن تنتقل من دار رعاية إلى أخرى. كانت مصابة بمرض الزهايمر، لذا اضطررت إلى خداعها لإدخالها في السيارة. كان لدى دار رعاية المسنين الأخرى وحدة تخضع للمراقبة عن كثب، وهو الخيار الوحيد القابل للتطبيق في ذلك الوقت. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أقول فيها لوالدتي "أكاذيب بيضاء" لإقناعها بفعل شيء ما، فنحن كثيرًا ما نقول لأطفالنا نفس الشيء. لكن تلك كانت المرة الوحيدة التي أدركت فيها أنني كذبت لإغرائها بالخروج من المنزل، ثم نظرت إلي بتفهم، وهو ما لن أنساه أبدًا. كنت متزوجة، ولكن لم يكن لدي أطفال. ربما، إذا كان لدي طفل، فإن هذه التجربة ستجعلني "بالغا". ربما يكون تحمل المسؤولية عن شخص ما ينطوي على شيء مثل "الخيانة الصغيرة". لا أعرف. أنا لا أحب أن أفكر في ذلك. توفيت والدتي في عام 2013.

من بين جميع مسؤوليات كونك شخصًا بالغًا، تعتبر الأبوة والأمومة هي التجربة التي غالبًا ما يُشار إليها على أنها تغير الحياة. في تعليقات القراء على سؤال متى يشعرون بأنهم بالغون، كانت الإجابة الأكثر شيوعًا هي "عندما كان لدي أطفال".

هذا لا يعني أنك لن تصبح بالغًا حتى يكون لديك أطفال. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين لديهم أطفال، فهذه هي بالضبط نقطة التحول. في مقابلة أجريت عام 1988 مع جنسن أرنيت، كتب أنه إذا كان لدى شخص ما طفل، "فإن هذا غالبًا ما يصبح المعيار الرئيسي لتحول الشخصية".

يذكر بعض القراء المسؤولية تجاه شخص آخر كعامل محدد، وهي الخطوة التالية بعد "المسؤولية تجاه نفسك" في الثلاثة الكبار.

كتب أحد القراء، ماثيو: "لقد شعرت حقًا بأنني شخص بالغ عندما حملت طفلي لأول مرة". "قبل ذلك، كنت أعتبر نفسي شخصًا بالغًا في عمر 20 و30 عامًا، لكنني لم أشعر بذلك أبدًا."

إذا كان النضج، على حد تعبير بورو، هو "مزيج من إحساسك بالمسؤولية وحقيقة أن الآخرين يوافقون على هذا الشعور ويقبلونك كشخص بالغ"، فإن الطفل لا يساعد الشخص على الشعور بأنه شخص بالغ فحسب، بل يقنعه أيضًا. الآخرين من هذا. يقول بورو: "إن القوة المزدوجة للهوية والهدف، بمثابة عملة قيمة في مجتمعنا"، وبينما توفر الأبوة والأمومة كليهما، لا تزال هناك العديد من المصادر الأخرى.

يقول ويليامز براون: «هناك أشياء كثيرة تجعل الشخص ينضج، والعديد منها له علاقة بالأطفال». غالبًا ما يذكر القراء أيضًا الحاجة إلى رعاية الوالدين المرضى - وهو الوضع المعاكس، والذي يمكن اعتباره أيضًا مثالًا رائعًا.

لكن كل هذا لا يحدث بهذه السهولة والسرعة. لا توجد لحظة واحدة، ولا نقطة بداية. معظم التغييرات تحدث تدريجيا.
"أن تكون شخصًا بالغًا لا يعني القيام بإيماءات كبيرة أو نشر شيء ما على فيسبوك. يتعلق الأمر بأشياء أكثر دقة."

انتظرت طويلاً ظهور الشعور بأنني "لقد أصبحت بالغاً". عمري الآن 27 عامًا، متزوج، مكتفي ذاتيًا وأعمل مديرًا لسلسلة فنادق ناجحة. اعتقدت أنه بسبب كل هذه الأشياء - العمر، الزواج، الوظيفة - كان من المفترض أن يكون لدي هذا الشعور.

إذا نظرنا إلى الوراء، أعتقد أنني كنت أطرح السؤال الخطأ. يبدو لي أنني لم أكن طفلاً أو مراهقًا أبدًا. بدأت العمل عندما كان عمري 13 عامًا، مثل جميع الأطفال من حولي. لقد جئنا من عائلات مهاجرة وكان آباؤنا يكسبون أكثر قليلاً منا. في العائلات، كنا في كثير من الأحيان مترجمين - كان الناس من البنوك والوكالات الحكومية يتصلون بأمهاتنا أو آبائنا ويستمعون إلى أصواتنا في سن المراهقة. أعتقد أن البعض منا كان بالغًا قبل وقت طويل من إدراك ذلك.

مع كل الغموض والذاتية المحيطة بالفهم الدقيق للوقت الذي يصبح فيه الشخص بالغًا حقًا، يقترح غريفين من NICHD التفكير في الأمر بشكل مختلف: "أنا أصر تقريبًا على أن تفكر في الأمر بالعكس". - متى تكون طفلا حقا؟

يشعر الجميع بالقلق من تبني الأشخاص لأدوار الكبار بعد فوات الأوان، ولكن ماذا عن أولئك الذين لديهم أطفال في سن الخامسة عشرة؟ وأولئك الذين يضطرون إلى رعاية آبائهم المرضى عندما كانوا مجرد أطفال، أو أولئك الذين فقدوهم في سن مبكرة جدًا؟ تجبر الظروف أحيانًا الأشخاص على أن يصبحوا بالغين قبل أن يكونوا مستعدين لذلك.

يقول جنسن أرنيت: "لقد أجريت مقابلات مع الكثير من الأشخاص الذين قالوا: أوه، لقد نشأت منذ وقت طويل". "ويتضمن ذلك دائمًا تقريبًا تحمل المسؤولية في وقت أبكر بكثير من معظم الناس." هل يمكننا القول أن هؤلاء الأشخاص أصبحوا أخيرًا بالغين؟

يقول بورو: "الأمر المهم والمهم بالنسبة لي هو أن هناك بعض الفوائد لهذا الأمر". ولا تشمل الفوائد فقط من يمكنه تحمل تكاليف الالتحاق بالجامعة وإجراء الأبحاث الرسمية، ولكن أيضًا القدرة المميزة على اختيار الوقت المناسب لتولي دور معين للبالغين ووقت للتفكير. يمكنهم التصرف في اتجاهين: شخص ما لديه الفرصة لعبور البلاد بأكملها للعيش بمفرده والعثور على وظيفة أحلامه؛ وقد يقول شخص ما إنهم سيأخذون المال من والديهم حتى يجدوا أنفسهم. وكلا الخيارين امتيازات.

من المؤكد أن مسؤوليات الكبار يمكن أن تقع على عاتقك فجأة، وإذا اعتبر العالم شخصًا بالغًا قبل أن يشعر هذا الشخص بأنه بالغ، فقد يسبب ذلك مضاعفات. لكن دراسة أجرتها راشيل سامر، طالبة بورو، وجدت أنه لا يوجد فرق بين مدى تحفيز البالغين الذين ذهبوا إلى الكلية وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. ولذلك، فإن مثل هذه الامتيازات ليست ضرورية لإيجاد هدف في الحياة.

في الفصل الخاص بالطبقة الاجتماعية، كتب جنسن أرنيت: "يمكننا القول بأن المستقبل سيقدم طرقًا جديدة لتصبح بالغًا - ولن يتم تسهيل ذلك إلا من خلال التعقيد المتزايد للحياة". من وجهة نظر نقدية، إذا كان من الممكن تحقيق النضج بعدة طرق مختلفة، فلا يمكن تسمية هذه العملية بشيء محدد. لكن ليس من واجبي حل هذا التناقض. هناك شيء واحد واضح: يمكنك أن تصبح بالغًا بطرق مختلفة.

أنا لا أحب كلمة "الكبار". إنها مرادفة تقريبًا لكلمة "الموت". يبدو الأمر كما لو كنت تقول وداعًا لقوة حياتك ونفسك. يبدو أن كونك بالغًا يعني بالنسبة لمعظم الناس أن تكون أكثر تحفظًا، وكما قال القديس بولس، "تنحية كل ما هو طفولي جانبًا" وفقدان الرغبة في الحياة.

قال لي صديق مقرب من والدي ذات مرة: "لن تكبر، أليس كذلك؟" لقد صدمت؛ عمري 56 عامًا، متزوج، كثير السفر، حاصل على درجة الماجستير ومهنة مستقرة. من أين حصل على هذا حتى؟ ثم بدأت أفكر. استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن أفهم كيف توصل إلى هذا الاستنتاج. لم يكن لدي أطفال أبدا (هذا هو خياري)، لذلك، أنا نفسي لا أختلف كثيرا عن الطفل.

أنا لا أتفق مع رؤيته. أنا أعتبر نفسي ناضجة تماما. بعد كل شيء، طلابي هم أكثر من نصف عمري، وزواجي بدأ بالفشل، وشعري يتحول إلى اللون الرمادي، وأنا أدفع جميع الفواتير: لذلك، أنا شخص بالغ. ركبتي تؤلمني، وأنا قلق بشأن معاش تقاعدي المستقبلي، ووالداي كبيران في السن، وفي رحلاتنا معًا أقود السيارة بالفعل؛ لذلك يجب أن أكون بالغًا.

أن تكون بالغًا يشبه السمكة التي تومض حراشفها في الماء؛ أنت تعلم أنها تطفو في مكان قريب، وربما ستتمكن من الوصول إليها أو حتى لمسها، ولكن إذا حاولت الإمساك بها، فسوف ينهار كل شيء. ولكن عندما تنجح - في جنازة صهرك أو عندما تأخذ حيوانك الأليف المشلول منذ الشيخوخة ليتم قتله بطريقة رحيمة - فإنك تمسك به بكل قوتك، وتشعر بكل حجمه، لكن لا ترميه مرة أخرى في البحر. بركة ماء. تقوم بتشغيل David Bowie وتجلس على العشب لفترة طويلة وتشاهد حياة البالغين وهي تتلألأ في الشمس. ثم تتكئ إلى الخلف وتتنهد بارتياح - لأن الأمر لا يتعلق بك اليوم على الأقل.

أن تكون بالغًا ليس دائمًا شيئًا تحلم به. يمكن أن يتحول الاستقلال إلى الشعور بالوحدة. المسؤولية تحت الضغط.

يكتب مينتز أن الثقافة قللت إلى حد ما من قيمة حياة البالغين. "كما قيل لنا مرات عديدة، يعيش البالغون حياة عصبية يملؤها اليأس الهادئ. إن الروايات الكلاسيكية عن بلوغ سن الرشد والتي كتبها سولومون بيلو، وماري مكارثي، وفيليب روث، وجون أبدايك بعد الحرب العالمية الثانية، هي، من بين أمور أخرى، حكايات عن أحلام محطمة، وطموحات لم تتحقق، وزواج فاشل، وغربة في العمل، واغتراب عن الوطن. عائلة." ويقارنها بتلك الروايات التعليمية في القرن التاسع عشر، وهي روايات بلوغ سن الرشد التي أراد الناس فيها أن يصبحوا بالغين. ربما يكون هذا الانقسام في المشاعر فيما يتعلق بتصور أنفسهم كشخص بالغ هو انقسام في مشاعرهم حول الرغبة في أن يكونوا بالغين.

تقسم ويليامز براون الدروس التي تعلمتها كشخص بالغ إلى ثلاث فئات: "اعتني بالناس، واعتني بالأشياء، واعتني بنفسك". هناك أيضًا الملاحظة المنهكة: "إذا لم أشتر ورق التواليت، فلن أحصل على ورق التواليت. إذا لم أكن سعيدًا بحياتي أو وظيفتي أو علاقاتي الشخصية، فلن يأتي أحد ويغير ذلك بالنسبة لي".

يقول مينتز: "نحن نعيش في ثقافة شبابية تعتقد أنه بعد سن 26 عامًا، تذهب الحياة إلى الجحيم، أو شيء من هذا القبيل". لكنه يجد الإلهام، وحتى الفرصة لتقليده، في وجهة نظر هوليوود القديمة لمرحلة البلوغ، في أفلام كاري جرانت وكاثرين هيبورن. "عندما أزعم أننا يجب أن نعيد مرحلة البلوغ، فأنا لا أتحدث عن الحاجة إلى إعادة تقليد الزواج المبكر والحياة المهنية المبكرة، كما كان الحال في الخمسينيات. ما أقوله هو أن أن تكون على علم خير من أن تكون جاهلاً. من الأفضل أن تكون من ذوي الخبرة من عديمي الخبرة. من الأفضل أن تكون متعلمًا بدلاً من أن تكون صديقًا للبيئة.

هذا هو بالضبط ما تعنيه "حياة البالغين" بالنسبة لمينتز. بالنسبة إلى ويليامز براون، فإن الأمر هو "أن تكون مسؤولاً عن نفسك. أنا لست مسؤولاً عن جعل الحياة مختلفة عما هي عليه في الواقع."

في المجتمع، فإن تصور "حياة البالغين" يشبه المحيط الذي تتدفق فيه الكثير من الأنهار. ويمكن التعبير عن هذا من الناحية التشريعية، ولكن ليس حرفيا. يمكن للعلم أن يساعدنا على فهم النضج، لكنه لا يستطيع أن يوضح لنا الصورة كاملة. تتغير الأعراف الاجتماعية، ويتخلى الناس عن الأدوار التقليدية، أو يضطرون إلى تجربتها في وقت مبكر جدًا. يمكنك تتبع الاتجاهات، لكن الاتجاهات لا تهتم كثيرًا برغبات شخص واحد وقيمه. لا يستطيع المجتمع إلا أن يحدد مرحلة الحياة؛ سيظل يتعين على الناس فعل الكثير لتعريف أنفسهم. يعد بلوغ سن الرشد بشكل عام مثالاً على الرسم الانطباعي: إذا وقفت بعيدًا بما فيه الكفاية، يمكنك رؤية صورة ضبابية، ولكن إذا دفنت أنفك، فسترى ملايين الضربات الصغيرة. غير كامل، ومتنوع، ولكنه بلا شك جزء من كل أكبر.

المؤلف: جولي بيك.
ترجمة: المحيط الأطلسي.

الشيخوخة هي عملية متعددة الأبعاد، ولكن في معظم الحالات يكون التركيز على الجانب الطبي للتغيرات في أواخر العمر. وفي الوقت نفسه، بالنسبة لأفراد الأسرة، تعد شيخوخة الوالدين مشكلة أكثر تعقيدًا بكثير من المرض نفسه. حتى الوعي الكامل بالحالة الصحية للمسن والإجراءات والأدوية الموصوفة له لا تعفي الأطفال من السؤال: كيف نعيش بجوار كبار السن، وكيف نساعدهم وأنفسهم خلال هذه الفترة الصعبة من الحياة على الجميع .

الكتاب، الذي كتبه الطبيب النفسي الأمريكي جوزيف إيلاردو، على شكل كتاب مدرسي، هو واحد من الكتب القليلة التي تسد الفجوة في هذا المجال. تعتمد نصيحة J. A. Ilardo على سنوات عديدة من الممارسة، ولكنها ليست طبية، بل نفسية بطبيعتها. كيف يمكن للأطفال البالغين التعامل مع مشاعر الانزعاج والذنب، وكيفية التغلب على الاغتراب الذي ينشأ بين أفراد الأسرة من أجيال مختلفة، وماذا تفعل عندما تظهر الاضطرابات العقلية لدى الآباء المسنين، وكيفية التعامل مع الحزن الناجم عن وفاتهم - هذا تقريبًا مجموعة من القضايا التي يناقشها الكتاب.

قد يجد القارئ الروسي تفاؤل المؤلف المستمر وأسلوب التصنيف الذي يستخدمه، والذي يسمح له بفرز جميع الظواهر "على الرفوف" بدقة، غير عادي وساذج إلى حد ما. ومع ذلك، عند تقييم هذا العمل، يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار كلاً من الطابع الخاص للطب الأمريكي والطبيعة التعليمية الواضحة للكتاب، والتي لا تهدف فقط إلى الدعوة للتفكير، ولكن أيضًا كدليل عملي للعمل.

يعلق المؤلف أهمية أساسية على وعي أفراد الأسرة بظاهرة الشيخوخة ذاتها وطبيعتها الفسيولوجية والعاطفية. ويعتقد أنه بدون معرفة عقلانية بهذه القضية، والتحرر من التحيزات والطبقات الأسطورية المختلفة، سيكون من الصعب جدًا على الأطفال البالغين بناء علاقات صحيحة ورعاية مع الوالدين المسنين. وبناءً على ذلك، فإن الفصل الأول من الكتاب عبارة عن خلاصة معلوماتية صغيرة ذات توجه عملي تعتمد على أحدث التطورات في علم الشيخوخة وطب الشيخوخة.

بادئ ذي بدء، يؤكد إيلاردو على الطبيعة الفردية للشيخوخة، والتي لا ينبغي حجبها بالتشابه العام للتغيرات التي تحدث مع جميع كبار السن، وتتطلب نهجًا شخصيًا مدروسًا وحساسًا في التعامل معهم. علاوة على ذلك، في الجسم والنفسية لكل شخص، تتطور العديد من عمليات الشيخوخة بمعدلات مختلفة و- ما هو مثير للاهتمام بشكل خاص - بشكل مستقل إلى حد كبير عن بعضها البعض، ويمكن أن تتأثر كل من هذه العمليات، من حيث المبدأ، بطرق خاصة. وأخيرًا، إحدى النقاط الرئيسية التي يقوم عليها الكتاب هي أن الشيخوخة لا ترتبط بالضرورة بالتدهور والمرض.

يميز علم الشيخوخة الحديث بين مستويين من الشيخوخة: الابتدائي، بما في ذلك العمليات الفسيولوجية البحتة والمحددة وراثيا، والثانوي، الذي يحدده نمط حياة الفرد والأمراض السابقة والإصابات المحتملة. تشمل التغيرات الأولية بشكل رئيسي التغيرات الغذائية (أي المرتبطة بعمل المواد الهرمونية في الجسم)، والتي تؤدي إلى انخفاض في مرونة الجلد، وانخفاض في كتلة العظام، وعدد ألياف العضلات، وضعف العضلات. الأعضاء الحسية، وما إلى ذلك. إلى حد ما - غير مهم - لم يتعلم الطب كيفية التأثير على هذه العمليات إلا مؤخرًا. الشيخوخة الثانوية مسألة أخرى. ليس من الممكن دائمًا منع وقوع الحوادث، لكننا ما زلنا نختار أسلوب حياتنا. ومن المعروف أن صحة الشخص المسن تعتمد إلى حد كبير جداً على النظام الغذائي والنشاط البدني واستهلاك التبغ والكحول، ليس فقط في سن الشيخوخة، ولكن أيضاً في سنوات الشباب.

ولعل أكثر التغيرات المخيفة بالنسبة لمن حول الشخص المسن هي التغيرات التي تؤثر على الدماغ والجهاز العصبي. وفي هذا الصدد، يقوم المؤلف بالعديد من الفروق المهمة مع الإشارة للقارئ إلى عدد من المفاهيم الخاطئة الشائعة. بادئ ذي بدء، يلاحظ أنه لا يمكن تحديد الدماغ والتفكير. مع التقدم في السن، يعمل الدماغ كعضو فسيولوجي بشكل أقل كثافة، لكن المهارات الفكرية وقوة التفكير المجرد وسماته الفردية قد تظل واضحة. يتم تحديد جودة الفكر إلى حد كبير من خلال مستوى التعقيد ومدى دقة تفسيره للواقع. قد يعالج الشخص الأكبر سنًا المعلومات بشكل أبطأ، لكنه يكون دقيقًا وعميقًا في حكمه. بالإضافة إلى ذلك، وجدت الأبحاث أن القدرات العقلية للإنسان تزداد نتيجة ممارسة الرياضة، تماماً مثل قوته البدنية. من هنا، وكذلك من ممارسته الخاصة، يرسم المؤلف استنتاجًا مشجعًا، على الرغم من أنه غير متوقع بالنسبة للكثيرين: الشخص قادر على التعلم في أي عمر، وعقله ليس بالضرورة عرضة للتدمير. ومع ذلك، لا بد من التوضيح هنا. يمكننا التحدث عن عنصرين من عناصر الذكاء: "البلاستيك" (السائل) و"المتبلور". يتم تفعيل الخيار الأول في الحالات التي يكون فيها من الضروري الرد على الأحداث غير المتوقعة وإيجاد طريقة غير تافهة للخروج من الموقف بسرعة. وتتطور قدرة العقل هذه مع الاستخدام المستمر، وعلى العكس من ذلك، تضعف إذا لم يتم استخدامها. المكون الثاني هو "المسؤول" عن استيعاب المعلومات والتعبير الشفهي والكتابي عن المشاعر والأفكار، فهو لا يتلاشى فحسب، بل إنه قادر على التحسن مع تقدم العمر، وهناك العديد من الأمثلة عليه. أما عن ظاهرة خرف الشيخوخة المنتشرة على نطاق واسع، فإن المؤلف دون تردد يعزوها إلى عواقب أمراض الدماغ ولا يعتبرها علامة لا غنى عنها للشيخوخة "الطبيعية".

بالانتقال إلى النظر في العواقب العاطفية للشيخوخة، والتي تكون أحيانًا شديدة جدًا، يظل إيلاردو مخلصًا لمنهجيته، ويقسمها إلى فئتين رئيسيتين. يشمل الفئة الأولى التجارب العاطفية المرتبطة بالتجربة المريرة للسنوات السابقة: الوحدة، وفقدان الأحباب، وفقدان الأمل في المستقبل، والحرمان من الجاذبية الجسدية السابقة، والسلطة، والوضع الاجتماعي، وما إلى ذلك. أما الفئة الثانية فتتضمن الحالات العاطفية الناجمة عن ذلك. من خلال تضييق حاد في دائرة القدرات البشرية الجسدية.

ومع ذلك، فإن الشيخوخة لا تجلب فقط المشاعر السلبية. بالنسبة لكثير من الناس، تعتبر الشيخوخة وقتا للسلام المستحق، وتحقيق حياة جيدة. يلاحظ المحلل النفسي إريك إريكسون أن الشيخوخة الكريمة والمتناغمة تتميز بدرجة كبيرة بالاهتمام بالجيل القادم. غالبًا ما يكون هذا الاهتمام ذا طبيعة غير ملموسة: فالشخص المسن يشارك حكمته مع أبنائه وأحفاده، ويريد تحذيرهم من أخطائه.

وينتهي الفصل الأول باختبار تدريبي قصير. يستشهد المؤلف بعدد من المواقف النموذجية التي تنشأ في الأسر التي يوجد فيها كبار السن، ويدعو القارئ إلى وضع نفسه عقليا في مكان أطفالهم البالغين. وهنا واحد منهم، على سبيل المثال. يبدأ الشخص الأكبر سنًا بشكل متزايد في تكرار نفس القصص منذ طفولته أو شبابه. هناك عدة أنواع من ردود الفعل للاختيار من بينها: أ) تذكيره بأنه تحدث بالفعل عن ذلك، ب) التظاهر في كل مرة أنك تسمعه للمرة الأولى، ج) توبيخه على تكرار نفس الشيء مرارًا وتكرارًا . يعتبر المؤلف نفسه أن أكثر أنواع السلوك قبولًا أ) هو الأكثر احترامًا وصدقًا.

في الفصل الثاني، يتم التركيز على الحالة العاطفية للأطفال، الذين غالبًا ما يتأثرون بشدة بشيخوخة والديهم. بينما نكبر، يبدو لنا آباؤنا أنهم أشخاص قادرون على كل شيء، ويعرفون كل شيء ويمكن الاعتماد عليهم في كل شيء. إن فقدان الثقة في "العصمة" الأبوية يوجه دائمًا ضربة خطيرة لمشاعر أفراد الأسرة الآخرين ويجبرهم على إعادة النظر كثيرًا في موقفهم من الحياة.

يقوم إيلاردو بتقسيم المواد التي جمعها إلى عدة كتل. أولاً، يصف كيف يعاني الأطفال البالغون من وقت يفقد فيه والدهم وأمهم، الذين كانوا حتى وقت قريب مفعمين بالحياة، القوة البدنية والأمن الفكري والثقة بالنفس أمام أعينهم. رد الفعل الطبيعي للأطفال على كل هذا هو القلق والحزن. وفقط مع قلة الحب والاحترام المتبادل في الأسرة يتطور لدى الأطفال الغضب والانزعاج وحتى الكراهية تجاه والديهم. يسرد إيلاردو المشاعر النموذجية التي يشعر بها الأطفال الذين يبدأ آباؤهم في التقدم في السن أمام أعينهم.

في البداية، تفاجئ علامات الشيخوخة غير المتوقعة وتدهش الآخرين. وهكذا، فإن والدة أحد عملاء إيلاردو، التي كانت حتى وقت قريب تراقب مظهرها بعناية وتدلي بتعليقات لاذعة حول ملابس النساء الأخريات، بدأت تظهر مؤخرًا في الأماكن العامة مرتدية ملابس غير مهذبة وغير مهذبة، مما أدى إلى ارتباك ابنتها الشديد. كقاعدة عامة، لا يتم تفسير هذه اللامبالاة من خلال حقيقة أن الشخص يفقد قدرته على الملاحظة ويتوقف عن إدراك أفعاله، ولكن من خلال حقيقة أنه يفقد طعم الحياة. في هذه الحالة، ساعدت مضادات الاكتئاب العادية، وعادت السيدة المسنة إلى نوع سلوكها السابق لفترة طويلة.

في بعض الأحيان يكون الأطفال غير قادرين داخليًا على التصالح مع الحقيقة الحقيقية والمريرة المتمثلة في أن والديهم كبار في السن، ومن ثم يكون لديهم رد فعل الرفض وعدم الثقة - فهم يفضلون عدم ملاحظة مظاهر الشيخوخة في والديهم ويتصرفون وكأن لا شيء تغير. شخص ما لا يريد بعناد أن يعترف لنفسه بأن والدته لم تعد قادرة على تنظيم عشاء عائلي لعشرين شخصًا، وكأن شيئًا لم يحدث، يدعو مجموعة كبيرة من الأقارب إلى المنزل. شخص ما يرفض تصديق أن والده، الذي كان حتى وقت قريب رجلاً يتمتع بصحة جيدة، أصيب بمرض السرطان فجأة، ولم يأتي لرؤيته في المستشفى. تظهر كل ردود الفعل هذه في المراحل الأولى من شيخوخة الوالدين. يحتاج الأطفال إلى وقت للتعود على التغييرات التي تحدث.

تحدث المجموعة التالية من ردود الفعل بعد إدراك أن الوالدين أصبحا بالفعل من كبار السن. معجب كامل بالمشاعر السلبية - الاستياء، وعدم الرضا، ونفاد الصبر، والشعور بالدمار، وما إلى ذلك - ينشأ في الحالات التي لم يكن فيها في السنوات السابقة تفاهم متبادل بين الوالدين والأطفال أو تصرف الآباء "بشكل غير أبوي" في سن أصغر . رد الفعل الغريب لـ "الفكر" هو أن الأطفال، غير القادرين على تحمل شدة تجاربهم الخاصة، يبدأون أحيانًا في استبدال الشعور الطبيعي بالرحمة بدراسة متعمقة للأدبيات الطبية والنفسية حول الشيخوخة.

كفئة خاصة، يحدد المؤلف العواطف التي تنشأ عند الأطفال البالغين عندما يبدأون في تجربة حالة الشيخوخة لأنفسهم. بالنظر إلى والديهم، يفكر الأطفال حتما في مصيرهم في المستقبل، وعواقب ذلك ليست دائما سلبية. غالبا ما يشعرون بالخوف والارتباك في مواجهة اقتراب الشيخوخة والأمراض المصاحبة لها، ولكن في بعض الأحيان يحدث الأمر بشكل مختلف. يتذكر إيلاردو أحد عملائه. لقد كانت امرأة هادفة وذات توجهات تجارية وتعيش أسلوب حياة محافظًا إلى حد ما. حلمت إحدى بناتها في المدرسة بأن تصبح عارضة أزياء، لكن والدتها لم ترغب في سماع ذلك ووجهت ابنتها بقوة نحو الدراسة الأكاديمية. وفقط بعد أن أصيبت والدتها المسنة بمرض خطير، خففت السيدة الصارمة، وأخضعت قيم حياتها لمراجعة عميقة. "لماذا كنت أمنع رغبات ابنتي العزيزة لسنوات عديدة؟" - سألت نفسها بمرارة ولم تجد إجابة. وبعد ذلك خصصت مبلغًا كبيرًا لتوظيف مصور وإنشاء محفظة لابنتها. بالإضافة إلى ذلك، غيرت أسلوب حياتها بشكل كبير، والذي يمكن أن يسمى الآن مذهب المتعة المعتدل. أعطى الحدث المأساوي بعدا جديدا لحياتها، التي أصبحت أكثر ثراء وأكثر إثارة للاهتمام.

في كثير من الأحيان، يكون الأطفال البالغون غير قادرين على التعامل مع عواطفهم ويصابون بانهيارات عصبية. قد يبدأون بالصراخ على والديهم المسنين، أو تجاهلهم أو حتى العدوانية تجاههم. تنشأ المشاجرات بين أفراد الأسرة الأصغر سنا، ويبدأون في مواجهة مشاكل في العمل، والصداع، وغيرها من المظاهر الجسدية المؤلمة - عواقب حالات الاكتئاب الطويلة الأجل. في مثل هذه الحالات، يوصي المؤلف بشدة بالاتصال بطبيب نفساني أو ربما بعض رجال الدين. ولمساعدة القارئ على فهم نفسه، يحتوي الكتاب على استبيان صغير، تتيح لنا الإجابات عليه الحكم على ما إذا كانت ردود أفعالنا تجاه ما يحدث طبيعية أم أنها أصبحت مؤلمة بالفعل.

لقد تحدث المؤلف حتى الآن عن كيفية تأثير عملية الشيخوخة على الأفراد – الآباء والأطفال. في الفصل الثالث، يصبح موضوع اهتمامه الأسرة ككائن حي متكامل، كنظام يستجيب بطريقة خاصة لمختلف "الاضطرابات"، سواء كانت داخلية (مثل الشيخوخة ومرض الوالدين) أو خارجية (التدخل في شؤون الأسرة). حياة الأسرة من قبل الغرباء - الأطباء، وعلماء النفس، وما إلى ذلك، الذين يجب الاستجابة لتوصياتهم بطريقة ما ويجب دفع أجر عملهم). أي نظام، طالما بقي على هذا النحو، يسعى جاهدا للحفاظ على التوازن. وبناءً على ذلك، يرى إيلاردو أنواعًا مختلفة من ردود الفعل الأسرية تجاه ظروف الحياة الجديدة إما متوافقة مع هذا الهدف (أي عادي) أو تتعارض معه (ضارة وغير صحية).

الفكرة الرئيسية للمؤلف هي أنه في الظروف المتغيرة، عندما يتوقف أفراد الأسرة الأكبر سنا عن لعب دورهم السابق فيها، يصبحون عاجزين وغالبا ما يحتاجون إلى مزيد من الاهتمام، ورغبة الناس اللاواعية في بعض الأحيان في الحفاظ على هيكل الأسرة الحالي، للحفاظ على إن بقاء أدوارهم دون تغيير يعتبر ضارًا جدًا بالعلاقات التي يعود تاريخها إلى مرحلة الطفولة المبكرة. التنافس الراسخ بين الأطفال، وتسوية الحسابات القديمة، والحسد على "المفضلين" من الوالدين، وغرور "الطفل المثالي" - كل هذا، خاصة في ظل ظروف التوتر، والصعوبات المالية، والتجارب الأخلاقية الصعبة، وما إلى ذلك، يمكن أن يؤدي إلى نتائج حزينة ومدمرة للغاية. النتائج للعائلة. وعلى العكس من ذلك، يدعو المؤلف إلى المرونة والانفتاح. ويكتب أنه من المرغوب فيه توزيع المسؤوليات بين أفراد الأسرة الأصغر سنا بحيث يستخدم الجميع نقاط قوتهم: البعض أفضل في التفاوض مع الأطباء والمحامين وعلماء النفس، والبعض الآخر أفضل في رعاية المسنين، وما إلى ذلك. ومع ذلك، فهو مقتنع بأن حقيقة أن المشاكل الهيكلية المعقدة حقًا لا يمكن حلها "من داخل" فريق الأسرة وتتطلب مساعدة خارجية لا غنى عنها من طبيب نفساني.

من المهم أن نفهم أن شيخوخة الوالدين ليست جزءًا من دورة حياتهم فحسب، بل هي أيضًا جزء من دورة حياة الأسرة. وبهذا المعنى، فإن وضع الآباء المسنين أمر طبيعي، وكل أسرة تواجهه بشكل أو بآخر، ويجب على كل أسرة أن تخرج من هذه الأزمة - وإلا فإنها ستنتهي من الوجود. الفصل الثالث من الكتاب، المخصص لهذه المشكلة، رسمي إلى حد كبير، ومليء بالرسوم البيانية والجداول، مما يعكس بالتفصيل المراحل الصحيحة لتطور الأسرة كنظام والمسار غير المرغوب فيه لتطورها، والأخطاء المحتملة، وعينة جدول أعمال مجالس الأسرة، وما إلى ذلك. يمتلك المؤلف ثروة من المواد التجريبية، ويعرضها بشكل احترافي وكاف، ولكن يمكن الافتراض أن القارئ المحلي سوف يهز رأسه بالحيرة أكثر من مرة أثناء تقليب هذه الصفحات. إن الاختلاف السيئ السمعة في العقلية يؤثر سلبًا. دعونا ندع الجميع يحكمون بأنفسهم على مدى قابلية توصية المؤلف، على سبيل المثال، للظروف الروسية. إذا بدأ شخص ما في مجلس عائلي كبير، تم جمعه لحل المشكلات الملحة، بالسيطرة بشكل واضح، و"عرقلة" تعليقات بقية أفراد الأسرة، فيجب عليك اختيار رئيس وتنظيم وقت كل خطاب...

من أهم المشاكل التي تواجه حياة الأسرة هي الصحة النفسية لأفرادها الأكبر سنا. في الفصل الرابع، يحدد إيلاردو نوعين من التشوهات العقلية لدى كبار السن: الاضطراب العقلي والاضطراب العصبي.

تجدر الإشارة إلى أن مفهوم القاعدة ذاته غامض. ويعطيه بعض علماء النفس معنى المثالي. إنهم يعتبرون طبيعيين فقط هؤلاء الأشخاص الذين أدركوا أنفسهم بالكامل في الحياة، وهم سعداء ونشطون وراضون عن وجودهم. وبالنسبة للآخرين، فإن مصطلح "طبيعي" يعني حالة من ردود الفعل المتوقعة. يمكن أيضًا فهم القاعدة إحصائيًا وتعني السلوك والعواطف المميزة لمجموعة اجتماعية معينة. ومن هذا المنطلق، يمكن اعتبار فقدان الذاكرة لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا ظاهرة طبيعية. في علم النفس العملي، ينتشر هذا النهج تجاه القاعدة على نطاق واسع: تعتبر القاعدة حالة تسمح للشخص أن يعيش حياة يومية عادية، ويتواصل مع الآخرين، ويحل المشاكل اليومية وغيرها من المشاكل التي تنشأ أمامه.

يسرد المؤلف بالتفصيل العوامل الرئيسية التي تكون بمثابة متطلبات مسبقة للاضطرابات العقلية. أولا، هذه أسباب فسيولوجية: شيخوخة الدماغ، واضطرابات النوم والأمراض الجسدية المختلفة. (كل هذه الظواهر في حد ذاتها طبيعية تماما؛ فهي تزيد فقط من احتمالية الاضطرابات العقلية.) ثانيا، هذه تغييرات مختلفة في التصور العاطفي للعالم، والتي يعتبرها المؤلف أكثر أهمية من الشيخوخة الجسدية. في مجتمع يتم فيه تقدير الشباب والصحة في المقام الأول، يعاني الشخص المسن من الشعور بالوحدة والمرارة المرتبطة بفقدان السلطة السابقة والسلطة وما إلى ذلك. ويرتبط كلا النوعين من العوامل ارتباطًا وثيقًا. وبالتالي، فإن ضعف السمع يمكن أن يؤدي ليس فقط إلى الشعور بالعزلة، ولكن أيضًا إلى الشك المفرط، وفي بعض الحالات حتى إلى جنون العظمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الضعف الجسدي يحرم الشخص من المساحة الشخصية التي هو السيد فيها والشعور بالاستقلال. لذلك ينصح الكاتب، عند إحاطة شخص مسن بالرعاية، يجب أن تكون حذراً للغاية حتى لا تشعره بالعجز. من المستحيل إعفاء كبار السن من جميع المسؤوليات العائلية، ومن الضروري التفكير بعناية في الأنشطة التي يمكنهم القيام بها، وبالتالي إشراكهم في الحياة المشتركة. وإدراكًا لضعفهم، يبدأ كبار السن في الخوف من أن يصبحوا عبئًا على الأسرة وأن ترفضهم الأسرة بسبب ذلك.

يتم تضمين العوامل الاجتماعية في قسم منفصل. يصاحب التقاعد انخفاض حاد في دخل الشخص. يبدأ المتقاعدون في توفير كل ما في وسعهم - الطعام والمكالمات الهاتفية والكهرباء، وغالبًا ما يتصرفون بهذه الطريقة حتى لو كان لدى الأطفال ما يكفي من المال لإعالتهم - وكل ذلك لنفس السبب: الخوف من أن يصبحوا عبئًا على الأسرة . غالبًا ما يتعرض كبار السن للإهانة وعدم الاهتمام بهم. وهذا لا يحدث كثيرًا بسبب التغيرات في سلوك كبار السن أنفسهم، ولكن لأن الأطفال لا يريدون الخوض في احتياجات والديهم. وبينما يساعدونهم جسديًا وماليًا، فإنهم غالبًا ما يحرمونهم من الدعم العاطفي والإنساني الذي يحتاجون إليه في المقام الأول.

وفيما يتعلق بالاضطرابات النفسية بشكل عام، من المهم فهم ما يلي.

ولا داعي للخجل من هذه الانحرافات. تعود طبيعة المرض العقلي المحظورة إلى الأوقات التي كان يُنظر فيها إليها على أنها علامة على المس الشيطاني. في الوقت الحاضر، يمكن حل العديد من المشاكل عن طريق زيارة الطبيب النفسي أو تناول الأدوية.

ظهور الاضطرابات النفسية ليس علامة على ضعف الشخصية. إن الاعتقاد بذلك هو أيضًا اتباع لتحيز قديم. يشعر العديد من المرضى بالخجل عند اللجوء إلى أخصائي، معتقدين أنهم إذا كانوا أقوى، فيمكنهم التعامل مع مرضهم بأنفسهم. لكن الوضع عكس ذلك تمامًا: الذهاب إلى الطبيب هو مظهر من مظاهر القوة وليس الضعف. هناك أمراض لا يستطيع الإنسان من حيث المبدأ التعامل معها بمفرده.

ويجب أيضًا ألا تعتقد أن الوصفات الطبية للأدوية هي رسالة طبيب أو وسيلة "لدفع الأمراض إلى الداخل". لقد أصبح من الثابت الآن أن العديد من الاضطرابات النفسية تنجم عن الأداء غير السليم للدماغ. على سبيل المثال، الاكتئاب هو نتيجة لانخفاض مستويات السيروتونين في الجسم. هناك علاجات حديثة تخفف في معظم الحالات من مشكلة الاكتئاب. ومع ذلك، من المهم أن تتذكر أنك بحاجة إلى معالجة السبب، وليس التأثير.

مع كل التأثير الإيجابي للمناخ المنزلي الملائم، وحب ورعاية أحبائهم، يجب على المرء أن يتذكر أنه في حالات الاضطرابات العقلية، من الضروري للغاية استشارة أخصائي.

وبالانتقال إلى موضوع كبار السن الذين يدخلون المرحلة الأخيرة من حياتهم، يؤكد إيلاردو على الحاجة إلى التخطيط الدقيق لرعايتهم المستقبلية. وفي هذا الصدد، من الضروري أن تأخذ في الاعتبار جميع الخيارات الممكنة لمواصلة تطوير الأحداث، لأنه، للأسف، هناك عدد قليل من هذه الخيارات المتبقية. ويكتب أنه عند اتخاذ قرارات مهمة، يجب على المرء أولاً أن يأخذ في الاعتبار رغبات الوالدين المسنين أنفسهم (بالطبع، إذا ظلت عقولهم صافية بما فيه الكفاية). أحد الأسئلة الأولى والأساسية التي سيتعين على القراء الأمريكيين لهذا الكتاب أن يقرروها في هذه الحالات هو ما إذا كان يجب ترك الشخص المسن في أسرة يصعب فيها جدًا توفير الرعاية المناسبة له، أو وضعه في منزل. البيت. يقدم إيلاردو أسبابًا عديدة للرعاية المنزلية. بالنسبة لروسيا، من الواضح أن هذه القضية ستبقى غير ذات صلة لفترة طويلة - بسبب التقاليد الراسخة، فضلا عن العدد الصغير وبؤس دور رعاية المسنين لدينا.

في معظم الحالات، يرغب كبار السن في البقاء في المنزل لأطول فترة ممكنة - حيث يمنح منزلهم شعوراً بالثقة والأمن، وكل شيء فيه مألوف ومألوف. كبار السن لا يتحملون التغيير جيدًا. العلاقات مع الأصدقاء والجيران مهمة جدًا أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود الوالدين في المنزل، حتى لو كانا متقدمين في السن وعاجزين، له تأثير مهدئ على الأطفال.

إن قرار ترك شخص مسن في المنزل يأتي مع الكثير من المسؤولية. من الضروري التفكير بعناية في كل ما يمكن القيام به في الشقة لضمان سلامتها. على سبيل المثال، هناك حاجة إلى حصيرة غير قابلة للانزلاق في الحمام؛ إذا أمكن، يجب إزالة العتبات داخل الشقة؛ عند الطهي، من الأفضل استخدام الأجهزة ذاتية التبديل - فرن الميكروويف والغلايات الكهربائية؛ يجب أن تكون العناصر الأكثر ضرورة يمكن الوصول إليها بسهولة. ومن الضروري أيضًا إجراء تغييرات تتعلق بالأمراض الشخصية للشخص: بالنسبة لضعاف السمع، على سبيل المثال، من الضروري تركيب جرس باب وهاتف عالي الصوت، وبالنسبة لضعاف البصر، يجب تركيب أضواء ساطعة، وإذا أمكن، استخدام ألوان متباينة في الغرفة. بيئة. من المستحيل سرد جميع التوصيات، ولكن أسهل طريقة لفهم التغييرات التي يجب إجراؤها هي أن تضع نفسك مكان شخص مسن وتحاول النظر إلى البيئة من خلال عينيه.

تنتهي الشيخوخة عاجلاً أم آجلاً، ويدخل الإنسان المرحلة الأخيرة من رحلة حياته - الأيام الأخيرة قبل الموت.

إيلاردو هو معارض قوي لإطالة حياة المرضى المصابين بأمراض ميؤوس منها بشكل مصطنع. ويقدم في الفصل السابع وصفًا نمطيًا موجزًا ​​لجميع المشاركين في الدراما النهائية في حياة رجل عجوز. هؤلاء هم، أولاً، ممثلو إدارة المستشفى، الذين - خوفًا من الملاحقة القضائية المحتملة - يستخدمون جميع الوسائل التقنية التي يمكن تصورها والتي لا يمكن تصورها للحفاظ على الأداء البدني للجسم. هؤلاء هم، ثانيًا، الأطباء الذين تعلموا منذ أيام دراستهم كيفية دعم حياة المريض "بأي ثمن" والذين يعتبرون وفاة كل مريض - النهاية الطبيعية للحياة - بمثابة هزيمة لهم. بعد ذلك، هؤلاء هم الممرضات والطاقم الطبي المبتدئ. هؤلاء الأشخاص، كونهم قريبين دائمًا من الشخص المحتضر، ربما أكثر من أي شخص آخر، يشعرون بعدم جدوى وقسوة أساليب الإطالة، لكن تحت تهديد الفصل لا يمكنهم تحييد ذرة واحدة عن تعليمات الطبيب المعالج. وأخيرا، الأهم هو المريض وعائلته. أظهرت الدراسات الاجتماعية أن الطاقم الطبي في المستشفى يفضل المرضى "الجيدين" على المرضى "السيئين"، أي المرضى المطيعين وضعاف الإرادة - المستقلين والفضوليين والمهتمين بتقدم العلاج والدفاع عن حقوقهم. وفي الوقت نفسه، تظهر الممارسة أن المرضى "السيئين" هم الذين يمرون بجميع مراحل المرض بسهولة أكبر من المرضى "الجيدين". غالبية المرضى وأقاربهم يتبعون تعليمات الأطباء بطاعة، ويخضعون لضغوطهم.

ويعتبر المؤلف أنه من غير المقبول على الإطلاق من الناحية الأخلاقية أن يتم اتخاذ أهم القرارات الطبية دون مراعاة رغبات الشخص المحتضر وأقاربه. إيلاردو نفسه هو من مؤيدي حركة "الحق في الموت" التي نشأت في أمريكا كرد فعل لعدة عوامل. لقد مكنت الثورة التكنولوجية التي أثرت على الطب من الحفاظ على الوجود الخضري للمريض للمدة المرغوبة. لقد أصبح الموت عملية مكلفة للغاية وعالية التقنية ومعقمة، وتخضع للسيطرة الكاملة للعاملين الطبيين في المستشفى. لقد تجاوز عدد الشائعات والقصص حول الأشهر الأخيرة، إن لم يكن السنوات، للمرضى المتألمين، الكتلة الحرجة، إذا جاز التعبير. تم تناقل هذه القصص شفهيًا وبالكاد اخترقت وسائل الإعلام حتى أواخر السبعينيات. وفي الوقت نفسه، فإن محتواها، دون مبالغة، يبرد الروح. وباسم «الطب الصحيح»، الذي يدخل المريض وأحبابه في منافسة مرهقة مع الموت، تعطلت الأقدار، وتدمرت الأسر وتدمرت. وفي النهاية، وجد المجتمع الطبي نفسه تحت الهجوم من طرفي الطيف. بعض العائلات، المنهكة من معاناة أحد أفراد أسرتها التي لا نهاية لها، رفعت دعاوى جنائية في المحاكم ضد الأطباء الذين، في رأيهم، تجاهلوا حقوق المرضى وحقوقهم، والبعض الآخر، الذين ترعرعوا في الثقافة الحديثة، التي يعتبر الموت حلاً لها. على العكس من ذلك، رفعت أسوأ الشرور دعوى قضائية ضدهم بسبب أخطاء طبية، والتي يُزعم أن المريض "فقد" بسببها. ونتيجة لذلك، يقول العديد من المراقبين، أصبح الطب مهتمًا بحماية نفسه من الدعاوى القضائية المحتملة أكثر من اهتمامه برفاهية المرضى. خلال هذه الفترة المتوترة، تحول مفهوم الموت ذاته إلى مصطلح قانوني، وفي الوقت نفسه - من خلال جهود علماء الأخلاق والمحامين والأطباء - تعرض لتآكل كبير وفقد معالمه. في وقت سابق، في أوقات "بسيطة التفكير"، تم تسجيل الوفاة بسكتة قلبية لا رجعة فيها، ثم بدأ المؤشر في توقف وظائف المخ، ثم أقسامه الفردية، وما إلى ذلك. إن شفقة حركة "الحق في الموت" هي أن خلف ضجيج المناقشة العلمية للعديد من المتخصصين لسماع صوت المريض، للتأكد من أنه يظل في أيامه الأخيرة سيد نفسه وساعاته الأخيرة، وليس ضحية للظروف وموضوعًا للتلاعب الطبي.

وفي عام 1991، أقر الكونجرس الأمريكي قانون تقرير مصير المريض، والذي يتطلب من كل مريض يدخل إلى المستشفى أن يكون على علم بحقوقه. بالإضافة إلى ذلك، يُطلب من المريض أن يُسأل عما إذا كان لديه ما يسمى "إرادة الحياة"، والتي من شأنها أن تحتوي على ما يسمى بالتوجيهات المسبقة بشأن التدابير الطبية اللاحقة التي ينبغي تطبيقها في حالة عجزه الإضافي. (ينص القانون على أن رعاية المريض وعلاجه لا ينبغي أن تعتمد على وجود وصية حية). وفي الواقع، على الرغم من أن الوصية الحية هي الجوهر والمحتوى الرئيسي لقانون تقرير مصير المريض، فإن الوصف والتعريف القانوني تتضمن هذه الوثيقة العديد من التناقضات والمزالق. خصص إيلاردو عشر صفحات من كتابه لتحليل مفصل للتفسير المحتمل للفقرات المثيرة للجدل في صيغة الوصية نفسها، بالإضافة إلى توصيات لملء الوصية.

الفصل الأخير من الكتاب مخصص لكيفية تجربة الأشخاص المختلفين لوفاة والديهم. يصف إيلاردو بالتفصيل أنواع مختلفة من ردود الفعل على هذا الحدث المأساوي. ربما يكون جوهر تفكيره هو الفكرة التالية: الشرط الرئيسي للتدفق الطبيعي للعواطف هو انفتاح أفراد الأسرة على بعضهم البعض. لا يوجد شيء أكثر ضررًا من عدم القدرة على البكاء والتعبير بصدق عن مشاعرك. من المهم جدًا أن تقبل المسار الطبيعي للأشياء داخليًا، ومن ناحية، لا تفرض حظرًا على عواطفك ومشاعر الآخرين، من ناحية أخرى، لا تحاول إطالة أمد الشعور بالمرارة والحزن بشكل مصطنع. والتي قد تتحول لولا ذلك إلى اضطراب عقلي مزمن.

داريا بيلوكريلتسيفا

جوزيف أ. إيلاردو، دكتوراه، L.C.S.W. مع تقدم عمر الوالدين. دليل نفسي وعملي. أكتون، ماساتشوستس، 1998. جوزيف أ. إيلاردو هو معالج نفسي، دكتوراه. يرأس مركز الأطفال البالغين لأبوين مسنين (نيو فيرفيلد، كونيتيكت).

يقولون أن جميع الأطفال يكبرون عاجلاً أم آجلاً. لا شك أننا جميعًا نكبر ظاهريًا، ولكن ماذا يحدث في النفس؟

يمكن النظر في مسألة متى يكبر الشخص ونوع الشخص الذي يسمى بالبالغ بطرق مختلفة.

متى يمكن اعتبار الإنسان بالغاً؟

إذا سألت أشخاصًا مختلفين عن هوية الشخص البالغ، فمن المحتمل أن تحصل على إجابات مثل: "النضوج هو عندما تفكر بالفعل في العمل والأسرة..."، وما إلى ذلك. وهذا هو الرأي الصحيح جزئيًا، ولكن ليس دائمًا. لقد اعتدنا على تحديد مرحلة البلوغ بأهداف وغايات معينة في الحياة، مثل، على سبيل المثال، حقيقة أن الشخص البالغ يعمل، ويكوّن أسرة، وينجب أطفالًا. ولكن، على سبيل المثال، ماذا يجب أن نفعل مع الأطفال الذين يضطرون إلى كسب أموال إضافية، بما في ذلك العزف على الآلات الموسيقية في الشارع؟ أو على سبيل المثال، حملت فتاة صغيرة جدًا بسبب الإهمال وستلد الآن وتربي طفلاً، رغم أنها ليست مستعدة لذلك بعد؟ وبطبيعة الحال، في كثير من هذه الحالات، ينمو الأطفال بسرعة كبيرة، ولكن هذا لا يحدث دائما.

في الواقع، فإن مسألة البلوغ أكثر تعقيدا ومتعددة الأوجه. ظاهرياً، يتجلى سن البلوغ لدى الإنسان في شكله المتطور من حيث الخصائص الجنسية الثانوية، مما يدل على أن الشخص مكتمل التكوين جسدياً ومستعد للإنجاب. وبهذا المعنى، يمكن اعتبار البالغين، على سبيل المثال، المراهقين الأكبر سنا الذين يبلغون من العمر حوالي 17 عاما.

صفات الشخص البالغ

ومع ذلك، فإن المظهر وحده لا يكفي للتعرف على الشخص كشخص بالغ كامل الأهلية. من المهم الانتباه إلى شخصية الشخص وصفاته وعاداته وما إلى ذلك. وبالتالي، يمكننا تسليط الضوء على القائمة الأكثر عمومية لهذه المعلمات لشخص بالغ:

• في شخص بالغ، يسود ضبط النفس والعقل. نعم، في بعض الأحيان يريد شخص بالغ أيضًا التخلي عن كل شيء، والتسبب في فضيحة لشخص غير سار، والذهاب للاستمتاع بأمواله الأخيرة، دون التفكير في الغد، لكن الشخص البالغ يفهم ما يستلزمه ذلك، وبالتالي يتصرف ضمن حدود الحشمة والسبب.
• المسؤولية هي صفة معبر عنها بوضوح لشخص بالغ. هو نفسه يتحمل مسؤولية حياته دون أن يلقيها على أحد. يستطيع الشخص البالغ بمفرده ضمان الاستقرار المالي وترتيب حياته بأكثر الطرق سهولة وراحة. فهو يضع الأهداف لنفسه، ويخطط لها، ثم يحققها. عندما يفهم شخص بالغ أنه مستعد ويريد، يمكنه تحمل مسؤولية حياة شخص آخر - لذلك لدى شخص بالغ عائلة وأطفال.
• بشكل منفصل، يجدر النظر في مسألة الطفولة - نوع من "الطفولة"، وخفة الشخصية، والنزوة. هناك العديد من البالغين الذين يمكن أن يطلق عليهم طفولي. إنهم يعيشون يومًا بيوم، دون التفكير في المستقبل، وينغمسون في رغباتهم المباشرة، ويستسلمون للعواطف مثل الأطفال، ويتصرفون وفقًا لرغباتهم ومزاجهم، دون التفكير في الآخرين. ولكن إذا تحدثنا عن الفهم الكلاسيكي لمرحلة البلوغ، فإن مثل هذا الشخص لديه طفولية وراءه - في مرحلة الطفولة والمراهقة. لدى شخص بالغ بعض المبادئ والقواعد والأولويات التي يتبعها، لأنه يفهم بالفعل من هو الآن ومن يريد أن يكون لاحقا.

هذا هو الأساس. جميع الصفات والخصائص المميزة الأخرى للشخص البالغ إما أن تكون مبنية عليه أو تكون إضافية وفردية.