هيرزيج ريشيليو. الكاردينال ريشيليو

تخرج من كلية نافار. تم تعيينه أسقفًا على لوزون في 17 أبريل 1607. دافع عن أطروحته في جامعة السوربون للحصول على درجة الدكتوراه في اللاهوت في 29 أكتوبر 1607. وفي 21 ديسمبر 1608، تولى رئاسة أسقفية لوزون. عضو مجلس العقارات العام عام 1614 من رجال الدين. دعا إلى تعزيز القوة الملكية. تمت ملاحظته في المحكمة وفي عام 1615، بعد زواج لويس الثالث عشر من آن النمسا، تم تعيينه معترفًا للملكة الشابة.

بعد مفاوضات ناجحة مع الأمير المتمرد، دخل كوندي دائرة ضيقةالمستشارين الشخصيين للملكة ريجنت ماري دي ميديشي. في نوفمبر 1616 تم تعيينه في منصب وزير الخارجية. 19 مايو 1617. يصبح ريشيليو رئيسًا لمجلس الملكة الأم. في 7 أبريل 1618، بسبب مؤامرات دوق لوين، تم نفيه إلى أفينيون، ولكن بعد سقوط العامل المؤقت عاد إلى المحكمة.

الفصل الحكومة الفرنسيةفي عهد لويس الثالث عشر (من 1624 إلى نهاية حياته). في 29 ديسمبر 1629، ذهب الكاردينال، بعد أن حصل على لقب الملازم العام لصاحب الجلالة، لقيادة الجيش في إيطاليا، حيث أكد مواهبه العسكرية والتقى بجوليو مازارين. 5 ديسمبر 1642 ملك لويس الثالث عشرعين جوليو مازارين رئيسا للوزراء

أرماند جان دو بليسيس ريشيليو

كان الوزير الأول يدير شؤون الدولة باستمرار - وحتى ببراعة - وكان دائمًا جشعًا للنساء الجميلات. قال المؤرخ: "ذات مرة، أراد إغواء الأميرة ماريا دي غونزاغا، التي أصبحت الآن ملكة بولندا. طلبت لقاءً معه. كان مستلقيا على السرير. تم إحضارها بمفردها، وسرعان ما اصطحب رئيس الحرس الجميع إلى خارج الغرفة. قالت له: "سيدي، لقد أتيت إلى..." فقاطعها على الفور: "سيدتي، أعدك بكل ما تريدينه؛ فأنا لا أريد حتى أن أعرف ما الذي تطلبينه، فأنا فقط أرى ذلك." ""نعم. سيدتي، لم تكن بهذه الجودة من قبل. أما بالنسبة لي، فقد حلمت دائمًا بخدمتك."" قال هذا وأخذ يدها. تطلق سراحها وتريد التحدث عن عملها. يريد أن يمسك بيدها مرة أخرى، ثم تنهض وتغادر”.

وبعد مرور بعض الوقت، وقع في حب مدام دي بريساك، زوجة ابن عمه المارشال دي لا ميري، صاحب شركة لتصنيع الأسلحة. وكتب المؤرخ: "كانت زوجته جميلة وغنت بشكل جيد للغاية". - أصبح الكاردينال ريشيليو مهتمًا بها؛ الآن كان لديه دائمًا بعض الأعمال مع صانع الأسلحة. بدأ مالك الترسانة في التغلب على نذير شؤم شديد. لاحظت زوجة المارشال، التي، إذا أرادت، أن تضايق وتغضب الكاردينال مع الإفلات التام من العقاب، حالة زوجها. وهكذا، في أحد الأيام الجميلة، أبدت إصرارًا نادرًا بالنسبة لعمرها، أتت إلى زوجها وقالت إن هواء باريس كان له تأثير سيء عليها وأنه سيكون جيدًا، إذا لم يعترض بالطبع، للذهاب إلى والدتها في بريتاني. أجابها المشير: "آه يا سيدتي، أنت تعيديني إلى الحياة، ولن أنسى أبدًا الرحمة التي أظهرتها لي". ولحسن الحظ، لم يفكر الكاردينال بها بعد الآن. وليس من المستغرب أن يكون أمامه حرائق أكثر غرابة. وها هو الوجه الآخر للعملة».

في أحد الأيام، اكتشف لويس الثالث عشر أن المفضل لديه، المفضل لدى سان مارس، كان له عشيقة. كانت هذه المرأة أشهر مومس في ذلك الوقت: كان اسمها ماريون ديلورمي. كاد الملك أن يمرض.

أصيب ريشيليو، الذي أُبلغ بهذا الأمر على الفور، بالذهول. كان من الممكن أن يكون لعلاقة سان مارس بالمرأة عواقب غير سارة للغاية. العواقب السياسية. لمدة خمسة أشهر بذل الملك جهودًا جادة للاستيلاء على مقاطعة أرتوا (التي كانت في ذلك الوقت الحيازة الاسبانية) وأدار العمليات العسكرية شخصيًا. لقد استولى بالفعل على إزدن ومايزيير وإيفوا وسان كوينتين. لكن أراس، عاصمة المقاطعة، ظلت تقاوم، واستمر القتال العنيف. أدرك ريشيليو، الذي كان يعرف ضعف الملك ومزاجه الغيور، على الفور أن هناك خطرًا جسيمًا من التعرض لهزيمة عسكرية ما لم ينفصل سان مارس عن مومسه. لذلك، دعا الكاردينال ماريون ديلورمي إلى مكانه، وبما أنه لم يكن يعرف أي طريقة أخرى لإنهاء علاقتها مع مفضلته، لصالح الدولة أصبح هو نفسه حبيبها.

هكذا، وفقًا لتالمان دي ريو، أحد معاصري ريشيليو، استمر أول اجتماعين للكاردينال وأجمل امرأة في القرن السابع عشر: "لم يدفع الكاردينال دي ريشيليو للنساء أكثر من الفنانين مقابل لوحاتهن القماشية. جاءت ماريون ديلورمي لرؤيته مرتين. وفي زيارتها الأولى جاءت إليه بفستان من الساتان الرمادي المطرز بالذهب والفضة، وحذاء أنيق ومجوهرات من الريش. قالت إن هذه اللحية الإسفينية والشعر الذي يغطي الأذنين تركا انطباعًا رائعًا. قيل لي إنها جاءت إليه ذات يوم بملابس رجالية: قيل للجميع إنها ساعي. لقد تحدثت عن هذا بنفسها. وبعد زيارتين، أرسل لها مائة مسدس مع خادمه دي بورناي، الذي كان يعمل كقواد.

قالت: «لقد عاملت هذا الشيء باعتباره تذكارًا، لأنه كان ملكًا لمدام دي كومباليه، منافستي، التي كنت فخورة بانتصارها، وكان هذا الخاتم بمثابة غنيمة، بينما تستمر في الاستلقاء على معارك ميدانية."

على الرغم من بخل الكاردينال، وافقت ماريون، التي شعرت بالاطراء من اختيار هذا الرجل القوي والخطير، على عدم مقابلة سان مارس مرة أخرى، وبعد ذلك تصالح الملك مرة أخرى مع صديقه الشاب.

تم إنقاذ الملك واستمر غزو أرتوا. قرر ريشيليو الراضي، الذي يريد مكافأة نفسه على ذلك، أن يظل عاشقًا لماريون ديلورمي لبعض الوقت. ولكن، للأسف، كان الجمال ثرثارا؛ سارعت إلى التفاخر بعلاقتها الجديدة، و ألسنة شريرةأطلقوا عليها على الفور لقب "مدام الكاردينال".

في بعض الأحيان كان أصدقاء ماريون من ماريه ومن الساحة الملكية يقولون لها: "كيف يمكنك أن تنام مع أحد الأساقفة؟"

ابتسمت: "ولكن بدون قبعة حمراء وملابس أرجوانية، فإن أي كاردينال ليس شيئًا مميزًا". ثم أضافت أن علاقة الحب هذه ستوفر لها بلا شك الغفران الكامل.

وسرعان ما أدركت باريس كلها قصة الحب الرعوية المذهلة هذه، وكتب الشاعر كونرار الذي كان في حيرة إلى حد ما إلى السيد دي ليسو:

"سيدي، هل صحيح ما حاولوا إقناعي به، وهو أن عمومنا العظيم يحب ماريون ديلورمي، فهو عيون وآذان أميره، الذي يهتم بيقظة بمصلحة الدولة ويمسك بمصير البلاد". أوروبا كلها في يديه؟

أخبرني يا سيدي، هل ينبغي لي أن أصدق مثل هذه الأخبار المهمة والممتعة؟ لم يعد بإمكاني الوثوق بأي شخص غيرك."

لم يكن كونرار مخطئًا، وسنرى أنه يستطيع دون تردد أن يطلق على ريشيليو لقب المقلاة العظيمة، لذا كان هذا اللقب مناسبًا للوزير الأول...

كان الكاردينال بالفعل معجبًا كبيرًا بالنساء، ولم تمنعه أردية الكاردينال على الإطلاق من مطاردة التنانير.

في أحد أعماله، تحدث ماتيو دي مورج بصراحة تامة عن الجميلات، "ليسن غير فاسقات فحسب، بل على العكس من ذلك، من بين الأكثر فضيلة، اللاتي اشتكين من التعديات والعنف الذي حاول ريشيليو إلحاقه بشرفهن ... "

ولكن ليس دائما شؤون الحبانتهى ريشيليو دون جدوى. كتب جاي باتين، في رسالة أُرسلت في نوفمبر 1649: "قبل عامين من وفاته (أي في عام 1640)، كان الكاردينال لا يزال لديه ثلاث عشيقات، الأولى منهن كانت ابنة أخته، والثانية من بيكاردي، هي زوجة المارشال دي كريزي، والثالثة هي جمال باريسي معين يُدعى ماريون ديلورمي، لذا فإن كل هؤلاء السادة ذوي القبعات الحمراء هم وحوش محترمة: "Vere Cardinale isit sunt carnales"<Воистину кардиналы очень чувственны> ».

قبل أن يكون لدى ريشيليو، كما يقولون، الوقت لتذوق فتاة واحدة، التي كانت تجارتها تتاجر في سحرها الخاص، كان قد أثار بالفعل شهيته لـ "كاهنة فينوس" أخرى - نينون دي لينكلوس.

وبوقاحة نادرة، اختار ماريون وسيطًا وأمرها أن تعرض على نينون خمسين ألف كرونة إذا وافقت على قبول حنانه اللطيف. ومع ذلك، على الرغم من المبلغ الكبير، تم رفض العرض من قبل Mademoiselle de Lenclos. كتب الكونت دي شافيجناك عن هذا في "مذكراته": "هذا الرجل العظيم (ريشيليو) ، الذي عرف كيف ينفذ أكبر التعهدات ، عانى مع ذلك من الهزيمة في هذا الأمر ، على الرغم من أن نينون لم يعاني أبدًا من الإفراط في العفة أو الحشمة ؛ " عبثًا عرض عليها خمسين ألف إيكو من خلال صديقتها المقربة ماريون ديلورم، رفضت، لأنها كانت في ذلك الوقت على علاقة مع أحد مستشاري الديوان الملكي، الذي ألقت بنفسها بين ذراعيها طواعية ... "

ومع ذلك، قد يتساءل المرء ما هو دور ماريون في هذه المسألة، لأنها شعرت بإهانة شديدة عندما رأت ريشيليو يعرض على منافسها خمسين ألف كرونة، في حين أنها لم تتلق سوى مائة مسدس مقابل نفس الخدمات.

ولكن مهما كان الأمر، فإنها سرعان ما تركت الوزير الأول وعادت إلى سرير الشاعر دي بارو، عشيقها الأول، الذي، دون أن يتذكر نفسه بفرح، قام بتأليف "مقاطع" من البؤس النادر، والتي كان لها عنوان فرعي طويل " كم هو أحلى بالنسبة للمؤلف أن يكون في أحضان عشيقته من أن يكون السيد كاردينال دي ريشيليو، الذي كان منافسًا له.

ومع ذلك، تبين أن ماريون كانت مجرد حلقة قصيرة في حياة ريشيليو. أعظم حب للكاردينال كان ابنة أخته ماري مادلين دي فينيرو، أرملة السيد دي كومباليت، دوقة إيغيلون.

كانت هذه الشقراء الساحرة الممتلئة البالغة من العمر سبعة وثلاثين عامًا تحب المشي "عارية الصدور" مما جلب فرحًا لا يوصف لأصدقاء الكاردينال.

"عندما أرى مدام ديجيلون،" اعترف أحد الكهنة القدامى ذات مرة، وهو يخفض عينيه بتواضع، "أشعر وكأنني أصبحت طفلاً مرة أخرى".

"من خلال السماح لها بهذه الحرية"، كتب لوفيفر في "مذكراته"، أراد أن يوضح أنه كان ينظر إلى سحر الدوقة الجميلة بنظرة ممرضة صافية. لكن هذا التظاهر لم يخدع أحداً، وكان ينبغي الاستهزاء بالشريعة بسبب نفاقه.

تزوجت ماري مادلين من أنطوان دي رور دي كومباليه في سن السادسة عشرة، لكنها لم تشعر بحالة جيدة بشكل خاص في زواجها، لأن هذا النبيل "على الرغم من أنه كان معروفًا (بحسب تالمان دي ريو) بأنه الرجل الأكثر شعرًا في البلاط"، لكنه كان غير قادر على مساعدتها على فقدان عذريتك.

سمح الشاعر دولوت لنفسه بالاستمتاع من خلال تأليف الجناس الناقص، وهو النوع الذي كان رائجًا في ذلك الوقت، وبمساعدته أبلغ قراءه عن المصير الحزين لمدام دي كومباليه، المخبأة في اسمها قبل الزواج ماري دي فينيرو، من التي تمكن من تأليفها: "عذراء زوجها ... »

في عام 1625، توفي النبيل الضعيف، وترك الأرملة الجميلة في خيبة أمل كاملة. بعد أن فقدت الإيمان بالزواج والرجال والشك في وجود الملذات الجسدية، بدأت ماري مادلين تفكر في دخول الدير. واعترفت بذلك لعمها: الحياة العلمانية لا تهمني. أريد أن أصبح راهبة كرملية”.

نظر إليها ريشيليو بعناية ووجد أنها جميلة جدًا. محاولاً إخفاء حرجه، قال لها وهو يخفض عينيه بمودة: "مكانك ليس في الدير يا طفلتي، إنه هنا بجواري".

استقرت ماري مادلين في قصر لوكسمبورغ الصغير، وأصبح الكاردينال عشيقها.

هذا غريب الحياة الزوجيةواستمر حتى وفاة الوزير الأول. كانت إما مضاءة بالأفراح أو مظلمة بالأحزان، وهو أمر لا مفر منه، كقاعدة عامة الحياة العائلية. كان العم وابنة أخته يعانقان أحيانًا، ويتجادلان أحيانًا، ويتجهمان أحيانًا، ولا يتحدثان، لكن حبهما كان صادقًا.

وبطبيعة الحال، لم يبقى هذا الارتباط سرا للآخرين لفترة طويلة. وعلمت المحكمة أولاً، ثم باريس كلها، أن ريشليو كان "يستمتع" مع مدام دي كومباليه. في الشوارع، وكذلك في قاعات الرسم الاجتماعية، لم تكن هناك نهاية للأغاني الساخرة والأغاني ذات الخدعة. قالت السيدة دي مونتبنسير في مذكراتها إنها اضطرت هي نفسها في عام 1637 إلى غناء أبيات شعرية مهينة للكاردينال وابنة أخته.

وبطبيعة الحال، كان الملك يعرف جيدا عن هذا غير قانوني علاقة حبوفي أعماقه أدان العشاق. لم يستطع إظهار عدم موافقته على الكاردينال الذي كان يخاف منه، وبالتالي أخرج كل عداءه لمدام دي كومباليت. قالت الملكة ذات مرة: "لقد فاجأني الملك". - يؤيد الكاردينال ويدين ابنة أخيه. لقد وجد أنه من غير اللائق أن تجرأت على دخول كنيسة سانت أوستاش بينما كنت أستمع إلى خطبة هناك، وقال إن هذا وقاحة من جانبها.

كان شغف ريشيليو بالنساء عظيماً لدرجة أنه كان عليه من وقت لآخر أن يخون ابنة أخته. وعندما أدركت ذلك، اهتزت النوافذ في قصر الكاردينال، وكانت غيرتها شديدة. ذات مرة كانت لديها رغبة في تشويه أحد منافسيها. كتب كاتب المذكرات: «ما أحدث ضجة كبيرة هو زجاجة الماء التي ألقيت على مدام دي شولن. هذا ما قاله لي الشخص الذي كان حاضرا. على الطريق من سان دوني، أراد ستة ضباط من الفوج البحري، يركبون ظهور الخيل، تحطيم وجه مدام دي تشولنيس، بإلقاء زجاجتين من الحبر عليها؛ وتمكنت من رفع يدها، فسقطا على الدرج أسفل باب العربة؛ قطعت شظايا الزجاجة جلدها (تغلغل الحبر في الجروح، ولم تتمكن أبدًا من التخلص من هذه العلامات). لم تجرؤ مدام دي شولن على الشكوى من هذا. يعتقد الجميع أن الضباط لم يتلقوا سوى أوامر لتخويفها. بدافع الغيرة من الرجل الذي أحبته وسلطته غير المحدودة، لم تكن مدام ديجيلون تريد أن يكون أي شخص آخر على نفس العلاقة مع الكاردينال كما كانت.

ولكن، على الرغم من ابنة أخته، لا يزال الكاردينال قادرا على أن يصبح محبا لهذه السيدة دي شولنيس، التي يذكرها غي باتين في الرسالة المذكورة أعلاه. وتعبيراً عن امتنانه، أهدى لهذه السيدة ديراً بمعاش سنوي قدره خمسة وعشرون ألف جنيه بالقرب من أميان.

على الرغم من كل هذه المغامرات البسيطة، استمرت علاقة سفاح القربى بين الكاردينال سبعة عشر عامًا تقريبًا. حتى أن آخرين زعموا أن هذه كانت نعمة من الله وأن ماري مادلين كانت والدة العديد من ريشيليو الصغير ...

بمجرد وصوله إلى المحكمة، ادعى المارشال دي بريز أن الكاردينال أعطى ابنة أخته أربعة أبناء.

كانت آنا النمسا حاضرة في هذه المحادثة. ابتسمت بمكر وقالت للوفد المرافق لها: "ما يدعيه السيد المارشال يجب تصديق نصفه بالضبط". استنتج الجميع على الفور أن ريشيليو لديه طفلان من مدام دي كومباليه. وهو في النهاية ليس سيئًا جدًا بالنسبة للأسقف ...

كان ريشيليو يحب بجنون آن النمسا. دبلوماسي لامع ورجل دولة بارز يتودد إلى الملكة، ولكن، للأسف، دون المعاملة بالمثل. لقد كتب لها قصائد، وأسعدها في كل شيء، واعترف ذات مرة بأنه مستعد لأي عمل، حتى الأكثر جنونًا، من أجل حبيبته. ثم اقترحت سيدة دولة الملكة، دوقة شيفروز، أن يسلي ريشيليو الملكة من خلال الرقص على ساراباندي في الزي المهرج لرجل منفتح. ورقص الكاردينال. حقا، الحب يصنع العجائب. صحيح أن الرقصة لم تساعد ريشيليو...

في عام 1642، نام ريشيليو، بعد أن أنهكته عشرين عامًا من العمل المثمر والمكائد الشاقة. 4 ديسمبر ظهرا الشخص الذي حسب التعبير المناسبمدام دي موتفيل، "صنعت من سيدها جارية، ومن ثم من عبد مشهور أعظم ملك في العالم"، سلمت روحها لله. وكان عمره ثمانية وخمسين سنة.

وأثارت هذه الوفاة عاصفة من الفرح بين الناس. وحتى لويس الثالث عشر، الذي يدين بكل شيء لريشيليو، تنفس الصعداء. من أجل سعادته الخاصة، قام على الفور بتأليف القصائد التي كتبها الشاعر ميرون عن وفاة الكاردينال. للأسف، بالكاد يمكن تسمية الأغنية بأنها مناسبة للحدث الحزين. وفيها تمت مكافأة الكاردينال على كل ما قدمه نقاط الضعف الخاصةوالخوف الذي غرسه في الجميع.

وكان من الصعب أن نتصور قدرا أكبر من الجحود.

ثلاثية الشهيرة الكاتب ألكسندر دوماسعن الفرسان مرة واحدة وإلى الأبد تغير فهم الناس ل فرنسا السابع عشرقرن. وتبقى الصورة الحقيقية للأحداث في ظل الوصف الذي قدمه الكاتب الناجح.

ومن الشخصيات التاريخية التي "عانت" من دوماس، مكان خاصاحتلها الكاردينال ريشيليو. شخصية قاتمة، نسج المؤامرات، محاطة بأتباع أشرار، تحت قيادته وحدة كاملة من البلطجية الذين يفكرون فقط في كيفية إزعاج الفرسان - الصورة التي رسمها دوما لا تسبب الكثير من التعاطف.

يختلف ريشيليو الحقيقي بشكل خطير عن "ثنائيه" الأدبي. وفي الوقت نفسه، فإن القصة الحقيقية لحياته ليست أقل إثارة للاهتمام من القصة الخيالية.

غودسون لاثنين من الحراس

أرماند جان دو بليسيس، دوق ريشيليومن مواليد 9 سبتمبر 1585 في باريس. كان والده فرانسوا دو بليسيس دي ريشيليو، رجل دولة بارز خدم الملك هنري الثالثو هنري الرابع. إذا كان والد أرماند ينتمي إلى النبلاء المولودين، فإن والدته كانت ابنة محام، ولم يكن مثل هذا الزواج موضع ترحيب بين الطبقة العليا.

ومع ذلك، فإن موقف فرانسوا دو بليسيس دي ريشيليو سمح له بتجاهل مثل هذه الأحكام المسبقة - وكانت رحمة الملك بمثابة دفاع جيد.

وُلد أرمان ضعيفًا ومريضًا، وكان والديه يخافان بشدة على حياته. تم تعميد الصبي بعد ستة أشهر فقط من ولادته، لكن كان لديه اثنان من حراس فرنسا كعرابين - أرماند دي جونتو بيرونو جان دومونت.

في عام 1590، توفي والد أرماند فجأة بسبب الحمى عن عمر يناهز 42 عامًا. لم تتلق الأرملة من زوجها سوى اسم جيد ومجموعة من الديون غير المسددة. العائلة التي عاشت في ذلك الوقت العقارات العائليةريشيليو في بواتو، بدأت المشاكل المالية. كان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ، لكن الملك هنري الرابع سدد ديون شريكه المقرب المتوفى.

سوتانا بدلا من السيف

بعد بضع سنوات، تم إرسال أرماند للدراسة في باريس - تم قبوله في كلية نافار المرموقة، حيث درس حتى ملوك المستقبل. بعد أن أكملها بنجاح، يدخل الشاب بقرار عائلي الأكاديمية العسكرية.

ولكن فجأة يتغير كل شيء بشكل كبير. مصدر الدخل الوحيد لعائلة ريشيليو هو منصب أسقف لوزون، الذي تم منحه ملِك هنري الثالث . بعد وفاة أحد أقاربه، وجد أرمان نفسه الرجل الوحيدفي الأسرة الذي يمكن أن يصبح أسقفًا ويضمن استمرار الدخل المالي.

كان رد فعل ريشيليو البالغ من العمر 17 عامًا فلسفيًا لمثل هذا التغيير الجذري في المصير وبدأ في دراسة اللاهوت.

وفي 17 أبريل 1607، رُقي إلى رتبة أسقف لوزون. ونظراً لصغر سن المرشح فقد تشفع شخصياً لدى البابا من أجله الملك هنري الرابع. كل هذا أدى إلى الكثير من القيل والقال، الذي لم ينتبه إليه الأسقف الشاب.

بعد حصوله على الدكتوراه في اللاهوت من جامعة السوربون في خريف عام 1607، تولى ريشيليو مهام الأسقف. كانت أسقفية لوزون واحدة من أفقر الأسقفية في فرنسا، ولكن في عهد ريشيليو بدأ كل شيء يتغير بسرعة. تم استعادته كاتدرائيةلوزون، تم استعادة مقر إقامة الأسقف، وحصل ريشيليو نفسه على احترام قطيعه.

النائب ريشيليو

وفي الوقت نفسه، كتب الأسقف عدة أعمال في اللاهوت، بعضها موجه إلى اللاهوتيين، والبعض الآخر إلى أبناء الرعية العاديين. في السنوات الأخيرة حاول ريشيليو لغة يمكن الوصول إليهااشرح للناس جوهر التعاليم المسيحية.

الخطوة الأولى في الحياة السياسيةبالنسبة للأسقف كان انتخاب نائب من رجال الدين للمشاركة في العقارات العامة لعام 1614. كانت العقارات العامة هي أعلى هيئة تمثيلية للعقارات في فرنسا ولها حق التصويت الاستشاري في عهد الملك.

كانت العقارات العامة لعام 1614 هي الأخيرة قبل بدء الثورة الفرنسية، لذلك تمكن ريشيليو من المشاركة في حدث فريد من نوعه.

حقيقة أن العقارات العامة لن تنعقد خلال الـ 175 عامًا القادمة ترجع أيضًا إلى ريشيليو. وخلص الأسقف، بعد مشاركته في الاجتماعات، إلى أن كل شيء يتلخص في محل كلام فارغ، لا علاقة له بحل المشاكل المعقدة التي تواجه فرنسا.

كان ريشيليو مؤيدًا للسلطة الملكية القوية، معتقدًا أنها وحدها التي ستوفر لفرنسا النمو الاقتصاديوتعزيز القوة والسلطة العسكرية في العالم.

اعتراف الأميرة آن

كان الوضع الحقيقي بعيدًا جدًا عما بدا للأسقف صحيحًا. الملك لويس الثالث عشرتمت إزالته عمليا من الإدارة، وكانت السلطة مملوكة لأمه ماري دي ميديشيوالمفضلة لها كونسينو كونسيني. كان الاقتصاد في أزمة، وكانت الإدارة العامة في حالة سيئة. كانت ماريا دي ميديشي تستعد لتحالف مع إسبانيا، وكان ضمانه هو حفل زفافين - الوريث الإسباني والفرنسيين الأميرة إليزابيث، وأيضا لويس الثالث عشروالإسبانية الأميرة آن.

كان هذا التحالف غير مربح لفرنسا، لأنه جعل البلاد تعتمد على إسبانيا. إلا أن الأسقف ريشيليو لم يستطع التأثير على سياسة الدولة في ذلك الوقت.

فجأة، وجد ريشيليو نفسه بين المقربين من ماري دي ميديشي. لاحظت الملكة الأرملة مهارات الخطابةأسقفًا خلال العقارات العامة وعينه معترفًا للأميرة ملكة النمسا المستقبلية آن.

لا شغف الحبلم يقم ريشيليو في الواقع بالإحماء تجاه آنا، التي كان دوما يلمح إليها. أولاً، لم يكن الأسقف يتعاطف مع المرأة الإسبانية، فهي ممثلة دولة يعتبرها معادية. ثانيًا، كان ريشيليو يبلغ من العمر حوالي 30 عامًا، وكانت آنا تبلغ من العمر 15 عامًا، وكانت اهتمامات حياتهما بعيدة جدًا عن بعضها البعض.

ومن الذل إلى المعروف

وكانت هناك مؤامرات وانقلابات في فرنسا في ذلك الوقت العمل كالمعتاد. وفي عام 1617، ترأس المؤامرة التالية... لويس الثالث عشر. قرر تحرير نفسه من رعاية والدته، فنفذ انقلابًا، ونتيجة لذلك قُتل كونسينو كونسيني وتم إرسال ماريا دي ميديشي إلى المنفى. ومعها، تم نفي ريشيليو، الذي اعتبره الملك الشاب "رجل والدته".

تبين أن نهاية العار، مثل بدايتها، بالنسبة لريتشيليو كانت مرتبطة بماري دي ميديشي. استدعى لويس الثالث عشر الأسقف إلى باريس. كان الملك في حيرة من أمره - فقد أُبلغ أن والدته كانت تستعد لتمرد جديد تنوي الإطاحة بابنها. تلقى ريشيليو تعليمات بالذهاب إلى ماري دي ميديشي وتحقيق المصالحة.

بدت المهمة مستحيلة، لكن ريشيليو تمكن منها. ومنذ تلك اللحظة أصبح واحدًا من أكثر الأشخاص وكلاءلويس الثالث عشر.

لويس الثالث عشر مع ريشيليو. كومنز.wikimedia.org

في عام 1622، تم ترقية ريشيليو إلى رتبة كاردينال. ومنذ تلك اللحظة، احتل مكانة قوية في المحكمة.

لم يتمكن لويس الثالث عشر، الذي وصل إلى السلطة الكاملة، من تحسين وضع البلاد. كان بحاجة إلى موثوقة وذكية، شخص حاسم، وعلى استعداد لتحمل العبء الكامل للمشاكل. استقر الملك على ريشيليو.

الوزير الأول يحظر الطعن

في 13 أغسطس 1624، أصبح أرماند دي ريشيليو أول وزير لويس الثالث عشر، أي الرئيس الفعلي لحكومة فرنسا.

كان الاهتمام الرئيسي لريتشيليو هو تعزيز السلطة الملكية، وقمع الانفصالية، وإخضاع الأرستقراطية الفرنسية، التي تمتعت، من وجهة نظر الكاردينال، بامتيازات مفرطة تمامًا.

مرسوم عام 1626 الذي يحظر المبارزات، مع يد خفيفةيُنظر إلى دوما على أنه محاولة لحرمان ريشيليو الناس النبيلةفرصة للدفاع عن الشرف في معركة عادلة.

لكن الكاردينال اعتبر المبارزات بمثابة طعن حقيقي في الشوارع أودى بحياة مئات النبلاء وحرم الجيش أفضل المقاتلين. هل كان يجب أن تنتهي؟ ظاهرة مماثلة؟ مما لا شك فيه.

بفضل كتاب دوما، يُنظر إلى حصار لاروشيل على أنه حرب دينية ضد الهوغونوتيين. كان العديد من معاصريها ينظرون إليها بنفس الطريقة. ومع ذلك، نظر إليها ريشيليو بشكل مختلف. حارب عزل المناطق وطالبهم بالخضوع غير المشروط للملك. لهذا السبب، بعد استسلام لاروشيل، تلقى العديد من الهوجوينوت المغفرة ولم يتعرضوا للاضطهاد.

عارض الكاردينال الكاثوليكي ريشيليو، الذي سبق عصره، التناقضات الدينية الوحدة الوطنية، معلنا أن الشيء الرئيسي ليس ما إذا كان الشخص كاثوليكيًا أو هوجوينوت، الشيء الرئيسي هو أنه فرنسي.

ريشيليو على فراش الموت، فيليب دي شامبانيا. الصورة: Commons.wikimedia.org

التجارة والبحرية والدعاية

من أجل القضاء على الانفصالية، حقق ريشيليو الموافقة على مرسوم، بموجبه أمر الأرستقراطيين المتمردين والعديد من النبلاء في المناطق الداخلية لفرنسا بهدم تحصينات قلاعهم من أجل منع المزيد من التحول لهذه القلاع إلى معاقل المعارضة.

قدم الكاردينال أيضًا نظام المراقبين - المسؤولون المحليون الذين يتم إرسالهم من المركز بناءً على إرادة الملك. ويمكن للملك، على عكس المسؤولين المحليين الذين اشتروا مناصبهم، أن يقيلهم في أي وقت. هذا جعل من الممكن إنشاء نظام فعالإدارة المقاطعة.

تحت قيادة ريشيليو، نما الأسطول الفرنسي من 10 قوادس في البحر الأبيض المتوسط إلى ثلاثة أسراب كاملة في المحيط الأطلسي وواحد في البحر الأبيض المتوسط. عزز الكاردينال بنشاط تطوير التجارة، حيث أبرم 74 معاهدة تجارية مع بلدان مختلفة. في عهد ريشيليو بدأ تطوير كندا الفرنسية.

في عام 1635، أسس ريشيليو الأكاديمية الفرنسية ومنح معاشات تقاعدية لأبرز و الفنانين الموهوبينوالكتاب والمهندسين المعماريين. وبدعم من الوزير الأول للويس الثالث عشر، ظهرت أول مطبوعة دورية "Gazettes" في البلاد. كان ريشيليو أول من أدرك أهمية الدعاية الحكومية في فرنسا، مما جعل الجريدة الناطقة بلسان سياساته. في بعض الأحيان ينشر الكاردينال ملاحظاته الخاصة في المنشور.

تم تمويل الحراس من قبل الكاردينال نفسه

لا يمكن للخط السياسي لريتشيليو إلا أن يثير غضب الطبقة الأرستقراطية الفرنسية المعتادة على الحرية. بحسب التقليد القديم، تم تنظيم عدة مؤامرات ومحاولات اغتيال على حياة الكاردينال. بعد أحدهم، بناء على إصرار الملك، حصل ريشيليو على حراس شخصيين، والذي نما مع مرور الوقت إلى فوج كامل، والذي يعرف الآن باسم "حراس الكاردينال". ومن المثير للاهتمام أن ريشيليو دفع رواتب الحراس من أمواله الخاصة، وبفضل ذلك كان جنوده يتلقون الأموال دائمًا في الوقت المحدد، على عكس الفرسان الأكثر شهرة الذين عانوا من تأخير الرواتب.

كما شارك حرس الكاردينال في العمليات العسكرية، حيث أظهروا أنفسهم جديرين للغاية.

خلال فترة تولي الكاردينال ريشيليو منصب الوزير الأول، تحولت فرنسا من دولة لم تؤخذ على محمل الجد من قبل جيرانها إلى دولة دخلت بشكل حاسم في حرب الثلاثين عاما وتحدت بجرأة سلالتي هابسبورغ في إسبانيا والنمسا.

لكن كل الأفعال الحقيقية لهذا الوطني الحقيقي لفرنسا طغت عليها المغامرات التي اخترعها ألكسندر دوما بعد قرنين من الزمان.

ريشيليو(بالكامل أرماند جان دو بليسيس، دوق ريشيليو؛ دو بليسيس، ريشيليو) (5 سبتمبر 1585، باريس - 4 ديسمبر 1642، المرجع نفسه)، رجل دولة فرنسي، كاردينال منذ عام 1622، أول وزير، رئيس المجلس الملكي منذ ذلك الحين 1624، دوق بير من 1631. من أجل تعزيز الاستبداد، هزم ريشيليو منظمة سياسيةالهوغونوت. أجرى إصلاحات إدارية ومالية وعسكرية؛ قمع الثورات الإقطاعية والانتفاضات الشعبية. في السياسة الخارجية، اعتبر أن الشيء الرئيسي هو القتال ضد آل هابسبورغ. أشرك ريشيليو فرنسا في حرب الثلاثين عامًا (1618-1648)، وساهم في إعادة تنظيم الجيش الفرنسي وإنشاء البحرية. اتبع سياسة المذهب التجاري وعزز أنشطة الشركات التجارية الفرنسية. في عهد ريشيليو، تأسست الأكاديمية الفرنسية، وتم تأسيس عدد من المدارس الثانوية.

الابن الأصغر لعميد فرنسا فرانسوا دو بليسيس، وسوزان دي لا بورت، ابنة محام في البرلمان الباريسي، تلقى أرمان تعليمه في كلية نافار في باريس وأعد للمجال العسكري، ورث اللقب. ماركيز دو تشيلوكس. سمح رفض الأخ الأوسط لممارسة مهنة الكنيسة للماركيز الشاب بأخذ اسم ريشيليو ورتبة أسقف لوزون في عام 1608. تم انتخابه نائبا من رجال الدين للولايات العامة (1614)، وجذب انتباه الوصي ماريا دي ميديشي، وأصبح مستشارها ومعترفها لآنا النمسا، زوجة الملك الشاب لويس الثالث عشر بوربون. في وقت لاحق، أصبح أسقف لوزون وزير الدولة للشؤون الخارجية والعسكرية، لكنه سرعان ما سقط في وصمة عار ونفي إلى أفينيون. بعد أن ساهم بنجاح في مصالحة لويس الثالث عشر مع والدته، تمكن ريشيليو من مواصلة حياته المهنية في المحكمة. وفي عام 1622 حصل على رتبة كاردينال، وفي عام 1624 انضم إلى المجلس الملكي، وأصبح وزيرًا أول وظل الحاكم الفعلي لفرنسا حتى نهاية حياته.

المبادئ الأساسية لها الأنشطة الحكوميةصاغ ريشيليو لاحقًا في " الوصية السياسية"كانت أولوية السياسة الداخلية بالنسبة له هي مكافحة المعارضة البروتستانتية وتعزيز القوة الملكية، وكانت المهمة الرئيسية للسياسة الخارجية هي زيادة مكانة فرنسا ومحاربة هيمنة آل هابسبورغ في أوروبا.

التفوق العددي للبروتستانت في عدد من المحافظات القوة العسكريةوهددت التطلعات الانفصالية سلامة فرنسا وقوضت هيبة النظام الملكي. في الواقع، أنشأ الهوغونوتيون دولة داخل الدولة. سعى ريشيليو إلى سحق "حزب الهوجوينوت" بأي ثمن، حتى على حساب الحرب الأهلية. تحت الضغط القوات الملكيةفي عام 1628، لاروشيل، المعقل الرئيسي للبروتستانت ساحل المحيط الأطلسيفرنسا. وبعد مرور عام، هُزمت قوات الهوجوينت في لانغدوك واحتلت الحصون الجنوبية. في عام 1629، وقع لويس الثالث عشر على مرسوم النعمة، الذي قام بمراجعة مرسوم نانت: حُرم الهوغونوتيون من الامتيازات السياسية والعسكرية. لكن حرية العبادة والضمانات القضائية الممنوحة له وضعت حدا للحروب الدينية في فرنسا ولم تثير خلافات مع الحلفاء البروتستانت خارج البلاد.

للتغلب على معارضة "حزب القديسين" الموالي لإسبانيا، اتبع ريشيليو باستمرار سياسة مناهضة لهابسبورغ. واعتمادًا على التحالف مع إنجلترا، قام بترتيب زواج تشارلز الأول ستيوارت من الأميرة هنريتا ملكة فرنسا. سعى ريشيليو إلى تعزيز النفوذ الفرنسي في شمال إيطاليا(من خلال القيام برحلة استكشافية إلى فالتيلينا) وفي ألمانيا (من خلال دعم رابطة الأمراء البروتستانت). بعد أن هزم الكاردينال ريشيليو داخل فرنسا، لم يتردد في الدخول في تحالف مع الدول البروتستانتية - هولندا، الدنمارك، السويد. شن ريشيليو باستمرار حربًا خفية ضد آل هابسبورغ، لكنه منع فرنسا لفترة طويلة من المشاركة المباشرة في حرب الثلاثين عامًا. ومع ذلك، في عام 1630 القوات الفرنسيةاحتلت سافوي، وفي عام 1634 لورين. في عام 1635، دخلت فرنسا في الأعمال العدائية في الألزاس وإيطاليا. في البداية، عانى الجيش الفرنسي من الإخفاقات؛ حتى أن القوات الإسبانية هددت باريس. لكن الوضع تغير تدريجيا لصالح فرنسا، على الرغم من أن ريشيليو لم يعش عدة أشهر ليرى نصر حاسمفي روكروي (1643). تم تسهيل انتصارات فرنسا من خلال إنشاء البحرية تحت قيادة ريشيليو وإعادة تنظيم الجيش.

في محاولة لتعزيز سيادة السلطة الملكية في مجال السياسة الداخلية والخارجية والمالية، بدأ ريشيليو تدوين القوانين الفرنسية (قانون ميشود، 1629) ونفذ عددًا من الإصلاحات الإدارية (إنشاء مناصب مراقب في المحافظات التي يعينها الملك). في عام 1632، قمع ريشيليو التمرد الإقطاعي في لانغدوك وأعدم الحاكم، دوق مونتمورنسي. بأمر من الوزير الأول تم هدم القلاع النبيلة (باستثناء القلاع الحدودية). لقد عزز سيطرته على حكام المقاطعات وقيد بشكل كبير حقوق الولايات والبرلمانات وغرف الحسابات الإقليمية، ونقل السيطرة إلى مراقبي المقاطعات. كان أحد التدابير لمكافحة امتيازات النبلاء هو حظر المبارزات.

في مجال الاقتصاد، اتبع ريشيليو سياسة المذهب التجاري، ووسع الاستعمار الفرنسي لكندا، وكثف أنشطة الشركات التجارية الفرنسية في جزر الأنتيل، وسانت دومينغ، والسنغال، ومدغشقر. وفي عهده أعيد تنظيمه الخدمة البريدية. ولتعزيز الحكم المطلق وحل مهام السياسة الخارجية الطموحة، عزز ريشيليو القمع الضريبي وقمع بوحشية القمع الضريبي الناتج عن ذلك. الحركات الشعبية(العديد من الانتفاضات الحضرية في عشرينيات وأربعينيات القرن السادس عشر ، وانتفاضات كروكان 1624 ، و1636-1637 ، وانتفاضة حافي القدمين 1639).

عزز ريشيليو تطوير الثقافة، في محاولة لوضعها في خدمة الاستبداد الفرنسي. وبدعم منه، تأسست الأكاديمية الفرنسية، وتم إنشاء جهاز دعائي رسمي - الجريدة الرسمية لثيوفراستوس رينودو. بمبادرة من الكاردينال، تم إعادة بناء جامعة السوربون (في وصيته، تركها ريشيليو أغنى مكتبته). نشأ قصر في وسط باريس - قصر الكاردينال (تم التبرع به لاحقًا إلى لويس الثالث عشر وأصبح يُطلق عليه منذ ذلك الحين اسم القصر الملكي). رعى ريشيليو الفنانين والكتاب، ولا سيما كورنيي، وشجع المواهب، مما ساهم في ازدهار الكلاسيكية الفرنسية.

وقف دارتاجنان ونظر إلى هذا الرجل في البداية بدا له أن أمامه قاضيًا يدرس قضية معينة، لكنه سرعان ما لاحظ أن الرجل الجالس على الطاولة كان يكتب، أو بالأحرى، يصحح سطورًا غير متساوية. طول وهو يعد المقاطع على أصابعه، وأدرك أن أمامه شاعراً، وبعد دقيقة واحدة، أغلق الشاعر مخطوطته التي كتب على غلافها «ميرام، مأساة في خمسة أعمال»، ورفعها. رأسه "تعرف أرتاجنان على الكاردينال".

هكذا وصف دوما وزير فرنسا الأول في رواية "الفرسان الثلاثة". نعم، لم يعتبر الكاردينال ريشيليو نفسه رجل دولة فحسب، بل اعتبره أيضًا شخصية خلاقة. على الأقل قال إن كتابة الشعر تمنحه أعظم متعة. لكننا لا نعرف ريشيليو من خلال أعماله الشعرية. وهو أولاً وقبل كل شيء الوزير الأول ومؤسس الأكاديمية الفرنسية ومبدع الدولة الموحدة ومبدع الحكم المطلق.

أرماند جان دو بليسيس، دوق دي ريشيليو (1585-1642)، هو كاردينال قوي وسيطر على السياسة الفرنسية لمدة 18 عامًا. تم تقييم أنشطته بشكل مختلف من قبل معاصريه وأحفاده. حدد ريشيليو اتجاه تطور الدولة لمدة 150 عامًا. النظام الذي أنشأه انهار فقط خلال الثورة الفرنسية. قامت فرنسا الثورية الجاحدة في عام 1793 بإلقاء الكراهية بقايا وزير لويس الثالث عشر عند أقدام حشد غاضب، وليس من دون سبب اعتباره أحد أعمدة النظام القديم.

كان صعود ريشيليو إلى أوليمبوس السياسي صعبًا ومؤلماً. كم من المؤامرات الماهرة والمعقدة التي كان على عقل الكاردينال واسع الحيلة أن ينسجها، وكم من المخاطر والإخفاقات التي كان على هذا الرجل الموهوب المذهل أن يتحملها قبل أن يصبح ما نعرفه!

كان قاسيًا وماكرًا، وكان يعرف كيف يكون ساحرًا وكريمًا مع أصدقائه القلائل. أحب ريشيليو العزلة، معتقدًا أن هذا كان نصيب كل الأشخاص العظماء. كان الكاردينال جاحدًا لأولئك الذين ساعدوه في ممارسة مهنة سياسية، لكنه كان يعرف كيف يكافئ أتباعه بسخاء، ولا يمكن لأحد أن يتهمه بالبخل. نظرًا لكونه ضعيفًا ومريضًا جسديًا ، فقد أمضى نصف حياته في السرج وفي الحملات العسكرية ، مُظهرًا معجزات التحمل. لم يكن ريشيليو متدينًا أبدًا. وبفضله، في فرنسا، على عكس الدول الكاثوليكية الأخرى، لم ترتكب محاكم التفتيش فظائع ولم تشتعل نيران "محاكمات الساحرات". بفضل قدرته الدقيقة المذهلة على الشعور بالناس، استخدم الكاردينال في عصر التأثير الشخصي الغرور ونقاط الضعف بشكل ممتاز. قوية من العالمهذا لأغراضك الخاصة. بعد أن كرس حياته كلها لتعزيز فرنسا، تبين أن ريشيليو ربما يكون أحد أكثر السياسيين الذين لا يتمتعون بشعبية في تاريخ البلاد بأكمله. ومع ذلك، يمكننا اليوم أن نقول إن الوزير هو أحد أبرز الشخصيات وأكثرها أهمية ومأساوية في التاريخ.

في البداية، أعد ريشيليو نفسه للعمل العسكري. لكن الظروف العائلية أجبرته على تغيير سيفه ولبس عباءة الكاهن. حصل على قسم في لوزون. بدأ أسقف لوسون الشاب الفضولي والمتغطرس، الذي ظهر في بلاط هنري الرابع، على الفور في الاعتزاز بأحلام العمل الحكومي. نجح ريشيليو البالغ من العمر 23 عامًا في جذب انتباه الملك، الذي كان مفتونًا بذكائه وسعة الاطلاع وبلاغته لدرجة أنه أطلق عليه لقب "أسقفي" فقط.

ومع ذلك، سرعان ما أدرك الشاب الثاقب أنه بمواهبه كان يصنع أعداء لنفسه فقط. ثم قرر ريشيليو مغادرة العاصمة وانتظار وقته.

في لوزون، لم يكن راضيا عن الواجبات الأسقفية فقط، فقد قام بجد بتوسيع معرفته الواسعة بالفعل لدرجة أنه بدأ يعاني من الصداع الرهيب الذي عذبه طوال حياته.

ومن المقاطعات، تابع ريشيليو عن كثب الأحداث في العاصمة. لقد كان دقيقًا بشكل مدهش، حيث استمد المعلومات من الرسائل فقط، وشكل فكرة عن اصطفاف القوى السياسية. وعلى الرغم من عدد من الإخفاقات التي حلت به أثناء محاولته التقدم، إلا أن الأسقف لم يتخل عن آماله في العمل السياسي، مع اعتماده على هنري الرابع. ومع ذلك، حدث ما هو غير متوقع: في 14 مايو 1610، قتل الملك على يد رافايلاك المتعصب.

كان الملك الجديد لويس الثالث عشر يبلغ من العمر تسع سنوات فقط، وكانت السلطة في أيدي الملكة ماري دي ميديشي المتواضعة والمتغطرسة ومفضلتها كونسينو كونسيني الفارغة وعديمة القيمة. سبعة سنوات عديدةكان على فرنسا أن تتحمل هذا الزوجين الغبيين والمدعيين اللذين تمكنا بمثل هذه الصعوبة من تدمير كل ما أنشأه هنري الرابع.

قرر أسقف لوسون، بإلقاء نظرة فاحصة، ترك منفاه الطوعي وتجربة حظه في باريس. بالخطاف أو المحتال، والإطراء الفظ والمشورة الذكية، تمكن في ست سنوات من كسب ثقة كونسيني وكاد يُخضع الملكة لنفسه. في عام 1616، بعد أن أطاح بالعديد من المتطفلين على المرشح المفضل، أصبح ريشيليو وزيرًا للخارجية.

أعادت حكومة ماري دي ميديشي توجيه المسار السياسي لفرنسا، وتحول البلاد إلى مواجهة إسبانيا، التي كان هنري الرابع سيقاتل معها. وتمكن "الحزب الإسباني"، الذي انضم إليه ريشيليو في البداية، من تنفير كل حلفائه القدامى من فرنسا. نمت قوة إسبانيا، مهددة بابتلاع وإخضاع أوروبا بأكملها لنفوذها. وغني عن القول أن مثل هذا التوجه لم يجلب أي فائدة أو هيبة لفرنسا. وكان التضامن مع "الحزب الإسباني" هو الخطأ الأول الذي ارتكبه ريشيليو، والذي كان نابعاً من السياسة العامة للحكومة. وكان خطأه الثاني في التقدير، والذي كاد أن يصبح قاتلاً لأسقف لوزون الطموح، هو عدم اهتمامه بالشاب لويس الثالث عشر، الذي كان يكره وزير الخارجية بصدق.

كان الملك الشاب، ضعيف الإرادة والكئيب، مثقلًا بوقاحة كونسيني وشهوة والدته للسلطة. قرر أن يحكم بمفرده، قرر القضاء على المرشح المكروه. بناءً على أوامره، قُتل كونسيني، الذي أصبح بالفعل مارشال دانكروم، في الوقت نفسه، انتهى عهد حكومة ماريا ميديشي.

يضطر أسقف لوزون، الذي شغل منصب وزير الخارجية لمدة خمسة أشهر فقط، إلى الاستقالة. لكنه لن يستسلم. وبعد سبع سنوات سيعود إلى السلطة وسيحدد السياسة الفرنسية. سيتعين عليه أن يتحمل سنوات من الاستياء والخوف والمكائد والإذلال والعمل الدؤوب قبل أن يتمكن من إخضاع الملك لنفوذه. ولتحقيق هذا الهدف، سوف يستخدم ريشيليو بلا خجل راعيته ماري دي ميديشي، التي لا تستطيع أن تخطو خطوة بدونه.

في هذه الأثناء، تشتعل نيران الانتفاضة في فرنسا. أدى ظهور المفضلين الجدد الذين يريدون فقط أن يأخذوا ولا يستطيعون إعطاء أي شيء إلى إثارة سخط عنيف بين الطبقة الأرستقراطية. المقاطعات، بتحريض من أمراء كوندي وسواسون وبوالون، تتمرد على الملك. تنضم الملكة الأم إلى هذه الجوقة الودية من معارضي الملك الشاب، ويضطر لويس الثالث عشر، غير القادر على مقاومة الضغط، إلى تقديم تنازلات. تسعى ماري دي ميديشي إلى العودة إلى باريس التي طُردت منها. يحلم ريشيليو بنفس الشيء ويسعى جاهداً لمواصلة حلمه مهنة سياسية. فقط في عام 1622، وافقت الملكة الأم على التصالح أخيرًا مع ابنها، ولكن بشرط واحد - يجب أن يصبح أسقف لوزون، الذي يعني لها الكثير، كاردينالًا.

في باريس، تمكن الكاردينال ريشيليو من إثبات لويس الثالث عشر أنه لا غنى عنه وفي عام 1624 ترأس الحكومة الجديدة. من حيث المؤامرات، لم يكن الوزير الأول متساويا. قصة وصوله إلى السلطة العليا في الدولة حقيقية رواية مغامرةقبل ذلك شاحب كل أعمال دوما. ساعدت قدرة ريشيليو التي لا مثيل لها على المناورة في المحكمة في الحفاظ على السلطة على مدار الثمانية عشر عامًا التالية. ومن الصعب حصر المؤامرات التي دبرت ضد الوزير الأول من قبل كل غير الراضين عن سياساته. في بعض الأحيان كانت حياته معلقة بخيط رفيع. يمكن لريتشيليو أن يجد الدعم الوحيد في الملك ضعيف الإرادة وغير المبالي، الذي كان لديه ما يكفي من الفطرة السليمة لتقدير وزيره وفهم صحة أفعاله.

جعلت المحاولات العديدة لاغتيال ريشيليو من الضروري تنظيم أمنه الشخصي. هكذا ظهر فرسان الكاردينال، الذين أطلق عليهم دوماس خطأً اسم الحراس. على عكس فرسان الملك، الذين كانوا يرتدون عباءات زرقاء، أشرق حراس ريشيليو باللون الأحمر - لون رداء الكاردينال.

بعد أن تولى منصب الوزير، حاول ريشيليو تنفيذ عدد من الإصلاحات الهامة المصممة لتعزيز السلطة الملكية. وكانت إحدى المهام الرئيسية هي إحلال السلام في البلد الذي طالت معاناته. بادئ ذي بدء، كان من الضروري تهدئة "سعفة الأمراء" المتفشية، التي تسعى إلى انتزاع الامتيازات والأموال من الملك. نصح ريشيليو الملك بالتوقف عن تقديم التنازلات واتخذ مسارًا صارمًا لكبح جماح الأرستقراطيين المتمردين. لقد نجح تقريبًا في كبح جماح أقارب الملك المضطربين ، وإخضاع كبريائهم الباهظ. ولم يتردد الكاردينال في سفك دماء الثوار مهما كان موقعهم. إن إعدام أحد الشخصيات البارزة في البلاد، دوق مونتمورنسي، جعل الطبقة الأرستقراطية ترتجف من الرعب.

وكانت المهمة الثانية في الخط هي مهمة تهدئة الهوغونوتيين الذين استمتعوا بها حقوق أكبر. أنشأ Huguenots دولًا صغيرة حقيقية على أراضي فرنسا، وعلى استعداد لكسر السيطرة في أي لحظة. كان مركز مقاومة الهوجوينوت هو قلعة لاروشيل المحصنة والمستقلة.

يعتقد ريشيليو أن الوقت قد حان لوضع حد للأحرار الهوجوينوت. الفرصة المناسبة لم تتأخر في تقديم نفسها. في عام 1627، توترت العلاقات مع إنجلترا بسبب القلق بشأن بناء الأسطول الذي بدأه ريشيليو. قرر سياسيو فوجي ألبيون التسبب في مشاكل في ممتلكات جيرانهم من خلال بدء تمرد في لاروشيل. تعامل الجيش الفرنسي مع الهبوط الإنجليزي بسهولة تامة، لكن حصار القلعة المتمردة استمر لمدة عامين كاملين. أخيرًا، في عام 1628، بعد أن كسرهم الجوع وفقدوا كل أمل في المساعدة، ألقى المدافعون عن القلعة أسلحتهم. بناءً على نصيحة ريشيليو، منح الملك العفو للناجين وأكد حرية الدين، وحرم الهوغونوتيين من الامتيازات فقط. فقدت لانغدوك البروتستانتية حرياتها في عام 1629. ولم يتبع ذلك أي اضطهاد ديني. وكان الكاردينال ريشيليو سياسياً إلى الحد الذي لم يتمكن من محاولة فرض التجانس الديني على البلاد ـ وهو الوهم الذي دافعت عنه روما. ومع ذلك، بفضل هذه التكتيكات، صنع الكاردينال أعداء بين وزراء الكنيسة.

وعندما يتعلق الأمر بمصالح الدولة، بدا أن قضايا الدين تتلاشى في الخلفية بالنسبة له. قال الكاردينال: "كان كل من الهوغونوت والكاثوليك فرنسيين بنفس القدر في نظري". لذلك أدخل الوزير مرة أخرى كلمة "فرنسي"، المنسية منذ زمن طويل بسبب الاقتتال الداخلي، والنهاية الحروب الدينيةالذي مزّق البلاد لأكثر من 70 عاماً.

مع وصول ريشيليو إلى السلطة، حدثت تغييرات خطيرة في السياسة الخارجية. لمسافات طويلةولم يكن عبثا أن ارتقى إلى منصب رفيع. وقد قدر الكاردينال أخطائه وتفهمها. بدأ تدريجيًا في قيادة البلاد بلطف بعيدًا عن إسبانيا وأعادها إلى المسار التقليدي لسياسات هنري الرابع. من خلال استعادة العلاقات مع الحلفاء القدامى، ألهم ريشيليو لويس الثالث عشر بشكل منهجي بفكرة الحاجة إلى صد المطالبات المفرطة لإسبانيا والنمسا.

ابتلعت سلالة هابسبورغ، التي حكمت الإمبراطوريتين، أوروبا ببطء، وطردت فرنسا من إيطاليا وأخضعت ألمانيا تقريبًا. الأمراء البروتستانت، غير قادرين على مقاومة الضغط القوي للنمسا، تخلوا عن موقف واحد تلو الآخر. لولا تدخل ريشيليو، فمن غير المعروف كيف كان سينتهي هذا الصراع غير المتكافئ. بدأ الكاردينال الكاثوليكي دون أي إحراج في دعم الملوك البروتستانت والدخول في تحالفات معهم. تمكنت دبلوماسية ريشيليو، والأهم من ذلك، المسدسات الفرنسية، من بث الحياة والقوة في الإمارات الألمانية المستعدة للاستسلام، مما يمثل مفاجأة غير سارة لآل هابسبورغ، الذين كانوا واثقين من انتصارهم. بفضل التدخل الدبلوماسي ومن ثم العسكري لفرنسا حرب الثلاثين عاما(1618-1648) استمرت وانتهت بالانهيار الكامل للخطط الإمبراطورية للنمسا وإسبانيا. وقبل وفاته عام 1642، كان بوسع ريشليو أن يقول بكل فخر للويس الثالث عشر: "الآن انتهت أغنية أسبانيا". ولم تكن هذه كلمات فارغة.

خلال الحرب، تم تحقيق فكرة الكاردينال بإدخال فرنسا إلى "الحدود الطبيعية": تم توحيد جميع المناطق التاريخية التي طال انتظارها - لورين والألزاس وروسيون، والتي أصبحت بعد سنوات عديدة من النضال جزءًا من الفرنسيين مملكة.

ولم يغفر «الحزب الإسباني» لريشيليو تغييره المسار السياسي للبلاد. الأشخاص الأكثر نفوذاً في المملكة - ماريا دي ميديشي، آن النمسا، غاستون دورليانز - نفذوا باستمرار المؤامرات والمؤامرات ضد "السيد رئيس وزراء الدولة".

قامت ماري دي ميديشي بمثابرة امرأة مهجورة بملاحقة ريشيليو ، مما أدى إلى تقويض صحة الكاردينال الضعيفة بالفعل بكراهيتها. ولم تستطع أن تسامحه على تأثيره الاستثنائي على لويس الثالث عشر، ولا على خيانته لسياساتها، والأهم من ذلك، على هبوطه إلى الخلفية. في النهاية هي بعد سلسلة محاولات فاشلةلتدمير مفضلتها السابقة، هربت من البلاد ولن تعود أبدًا.

شقيق الملك غاستون أورليانز، في رغبته في تولي العرش، لم يحتقر حتى التحالف مع أعداء فرنسا. كان خائنًا غبيًا وعديم الضمير وجشعًا وتافهًا، ورأى أن ريشيليو هو عدوه الرئيسي. يعتقد الكاردينال الذي احتقره أن الأمير ليس له الحق الأخلاقي في أن يكون وريث العرش الفرنسي.

كانت علاقة ريشيليو مع آن النمساوية أكثر تعقيدًا. لقد كانت أسبانية جدًا بحيث لا يمكن أن تكون ملكة فرنسا جيدة. بالتأكيد لم تفهم سياسة الكاردينال التي تهدف إلى رفعة البلاد، فقد دعمت بنشاط شقيقها الملك فيليب الرابع ملك إسبانيا، على أمل بمساعدته في الإطاحة بالوزير المكروه حتى على حساب هزيمة فرنسا في الحرب. ومع ذلك، بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، كانت المصالح الشخصية دائما أعلى من مصالح الدولة.

كان ريشيليو مهووسًا بفكرة خير الدولة. لقد اعتبر بشكل معقول كل محاولات اغتياله على أنها محاولة لتدمير السياسة الوطنية لفرنسا. في ذلك العصر، كان الكثير يعتمد على الفرد. تغيير الوزير يعني تغيير التوجه. فكر في الكيفية التي تبدو بها تصرفات دارتاجنان غير الوطنية على خلفية الجهود الجبارة التي بذلها ريشيليو لتأمين فرنسا. هل وضع دارتاجنان وحده خدمة امرأة جميلة فوق مصالح بلاده؟

النبلاء الفرنسيون، الذين عمل الكاردينال لصالحهم بلا كلل، كرهوا الوزير الأول. كالطفل المريض الذي لا يحب من يجبره على شرب الدواء المر، أصبح النبلاء معارضين لريشيليو الذي كان يشفي عيوبه ورذائله. كان مفهوم "الوطن"، الذي أدخله الوزير الأول إلى الاستخدام السياسي، غريبًا تمامًا عن الطبقة الأولى.

كما تسبب القانون الذي يحظر المبارزات في كراهية عامة لريتشيليو. أراد النبلاء أن يروا في الملك الأول فقط بين متساوين. سعى الكاردينال إلى غرس فكرة قدسية السلطة الملكية في نفوسهم. وفقا لريتشيليو، لا يمكن سفك دماء الرعايا إلا باسم الوطن، الذي يجسده شخص الملك المقدس. إذا ضحى النبلاء بحياتهم دفاعًا عن شرفهم، فإنهم بذلك يضعون أنفسهم على نفس مستوى الملك - حرية غير مقبولة! من بين أمور أخرى، أنهى عدد كبير من أفضل ممثلي العائلات النبيلة حياتهم في مبارزة، دون أي فائدة للدولة. وباسم مصالح النبلاء نفسها، سعى ريشيليو إلى جذبه إليها الخدمة العامةمما يدل على قيمة العقار الأول للوطن. لكن كل هذا أثار مقاومة شديدة وسخرية دون أن يكون هناك تفاهم.

لا أقل الكراهيةشعرت الحوزة الثالثة أيضًا تجاه ريشيليو. مشغول بالإنشاءدولة سياسية وطنية واحدة، قمع الكاردينال بحزم أي انفصالية. أي أن البرلمانات كانت تميل نحو ذلك المدن الكبرىالذين لا يريدون رؤية المصالح الوطنية وراء مشاكلهم المحلية. كان تقليص حقوق البرلمانات هو السبب وراء عدم شعبية الوزير الأول بشكل كبير. أدت سياسة ريشيليو تجاه البرلمانات إلى التدمير المتعمد للمعارضة الرسمية للسلطة الثالثة. وسيتبع أتباع الكاردينال العظيم نفس المسار. إن الافتقار إلى متنفس للنشاط السياسي في نظام الحكم المطلق سوف يؤدي إلى انفجار السخط الشعبي بعد مرور 150 عاماً ـ أثناء الثورة الفرنسية.

كان لدى عامة الناس أيضًا أسباب لعدم الرضا عن الوزير الأول. الحروب المدمرة، حرب الثلاثين عاما والحرب الإسبانية (1635-1659)، والتي وجدت فرنسا نفسها منجذبة إليها من خلال جهود الكاردينال، لم تجلب فوائد السياسة الخارجية فحسب، بل جلبت أيضا الخراب الرهيب. في بعض الأحيان تم تنفيذ عمليات عسكرية على الأراضي الفرنسية. تم ضم الألزاس واللورين بعد ثلاث حملات قام بها جيش لويس الثالث عشر، وهو غزو للقوات الإمبراطورية لم يترك حجرًا دون أن يقلبه، مثل الجراد. لقد تطلبت الحرب جهداً هائلاً. لم يعرف الفلاحون والبرجوازيون ولم يرغبوا في معرفة خطط الكاردينال العظيمة وعن "العصر الذهبي" القادم الذي وعد به وزيره لويس الثالث عشر. خلال 18 عاما من حكم الكاردينال، هزت البلاد الانتفاضات الشعبية، مما تسبب في الكثير من المتاعب لريتشيليو.

رؤية الهدف الوحيد أمامه - خير البلاد، ذهب ريشيليو بعناد نحو ذلك، والتغلب على المقاومة الشرسة لخصومه وعلى الرغم من سوء الفهم العالمي تقريبا. ويمكن اعتبار الكاردينال بحق أحد الآباء المؤسسين للأمة الفرنسية ومبدعيها أوروبا الحديثة. ومن النادر أن يتباهى أي رجل دولة بتنفيذ جميع خططه. "لقد وعدت الملك باستخدام كل قدراتي وجميع الوسائل التي يود وضعها تحت تصرفي لتدمير الهوغونوت كحزب سياسي، وإضعاف السلطة غير الشرعية للأرستقراطية، وإرساء الطاعة للسلطة الملكية في جميع أنحاء فرنسا وتمجيد فرنسا". بين القوى الأجنبية." - هكذا حدد ريشيليو مهام حكومته. وقد تم الوفاء بها. وعلى الرغم من الكراهية التي أحاطت به والاتهامات بالسعي لتحقيق مكاسب شخصية، كرس ريشيليو كل قوته لخدمة فرنسا. وقبل وفاته عندما طلب منه العفو عن أعدائه أجاب: "لم يكن لي أعداء سوى أعداء الدولة". كان للكاردينال الحق في مثل هذه الإجابة.

وزير الدولة للشؤون العسكرية والخارجية في فرنسا

أرماند جان دو بليسيس، دوق ريشيليو(في التقليد الروسي ريشيليو; الاب. أرماند جان دو بليسيس، دوك دي ريشيليو; 9 سبتمبر، باريس - 4 ديسمبر، باريس)، المعروف أيضًا باسم الكاردينال ريشيليوأو الكاردينال الأحمر(بالفرنسية: "Éminence rouge") - كاردينال الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، أرستقراطي ورجل دولة في فرنسا. كان الكاردينال ريشيليو وزيرًا للخارجية من عام 1616 إلى 1617 ورئيسًا للحكومة (رئيس وزراء الملك) من عام 1624 حتى وفاته.

يوتيوب الموسوعي

1 / 3

✪ الكاردينال ريشيليو. أرماند جان دو بليسيس ريشيليو. هذا كل شيء. ناتاليا باسوفسكايا. 10/09/2006

✪ الكاردينال ريشيليو - سبعة أيام من التاريخ

✪ الكاردينال ريشيليو (رواية المؤرخة ناتاليا باسوفسكايا)

ترجمات

سيرة

أصل

تنتمي عائلة الأب إلى طبقة نبلاء بواتو. كان الأب فرانسوا دو بليسيس دي ريشيليو رجل دولة بارزًا في عهد هنري الثالث، وبعد وفاته خدم هنري الرابع.

والدة أرماند، سوزان دي لا بورت، لم تكن تنتمي إلى الطبقة الأرستقراطية. كانت ابنة محامي البرلمان الباريسي، فرانسوا دي لا بورت، وهو برجوازي حصل على النبلاء مقابل سنوات خدمته.

طفولة

ولد أرماند في باريس، في أبرشية سانت أوستاش، في شارع بولوا (أو بولوار). كان الابن الاصغرفي العائلة. لم يتم تعميده إلا في 5 مايو 1586، بعد ستة أشهر من ولادته، بسبب حالته الصحية "الضعيفة والمريضة".

1586، اليوم الخامس من شهر مايو. أرماند جان، ابن السير فرانسوا دو بليسيس، سيد ريشيليو... عضو في مجلس الدولة، عميد البيت الملكي ورئيس وكلاء فرنسا، وزوجته السيدة سوزان دي لابورت... وُلد الطفل في 9 سبتمبر 1585.
من شهادة المعمودية في سجلات رعية القديس يوستاس بباريس

العرابونكان لدى أرماند اثنان من حراس فرنسا - أرماند دي جونتو بيرون وجان دومونت، اللذين أعطاه أسمائهما. كانت عرابته جدته فرانسواز دي ريشيليو، ني روششوارت.

في عام 1588، أصبح والد أرماند أحد منظمي رحلة هنري الثالث من باريس المتمردة. كما غادرت الأم والأطفال باريس واستقروا في منزل عائلة زوج ريشيليو في بواتو. بعد اغتيال الملك، واصل والد أرماند خدمة الملك الجديد هنري الرابع بوربون بنجاح. توفي فرانسوا دو بليسيس ريشيليو بشكل غير متوقع بسبب الحمى في 19 يوليو 1590 عن عمر يناهز 42 عامًا، ولم يترك وراءه سوى الديون. بدأت الأسرة تعاني من صعوبات مالية كبيرة. لتنظيم جنازة لائقة، اضطرت سوزان إلى إلقاء سلسلة ترتيب الروح القدس، الذي كان زوجها الراحل حاملا. قام الملك هنري الرابع، تقديرًا لخدمات العميد الراحل، بتخصيص أموال للأرملة مرتين المبلغ الإجمالي 36 ألف ليرة.

مرة أخرى في باريس

بعد بضع سنوات، يعود أرماند إلى باريس، حيث التحق بكلية نافار، حيث درس كل من هنري الثالث وهنري الرابع. في الكلية، درس عرمان القواعد والفن والفلسفة. بعد تخرجه من الكلية يدخل ارمان بقرار عائلي الأكاديمية العسكريةبلوفينيل. لكن الظروف تغيرت فجأة، حيث يجب على أرماند ريشيليو الآن أن يحل محل أسقف لوزون، وهي أبرشية كنسية منحها هنري الثالث لعائلة ريشيليو. يضطر عرمان إلى تغيير زيه العسكري إلى عباءة، لأن هذه الأبرشية هي مصدر الدخل الوحيد لعائلته. في هذا الوقت يبلغ من العمر 17 عامًا. يبدأ أرماند، بطاقته المفعمة بالنشاط، في دراسة اللاهوت.

أسقف لوزون

وسرعان ما عينت ماري دي ميديشي ريشيليو كمعترف لآن النمسا. وبعد ذلك بقليل، في نوفمبر 1616، عينته في منصب وزير الحرب. كان ريشيليو يعارض بشدة المسار الحكومي الحالي الذي يهدف إلى التحالف غير المتكافئ مع إسبانيا والإهمال المصالح الوطنيةفرنسا، ولكن بعد ذلك لم يجرؤ أسقف لوزون على مواجهة الحكومة علانية. وكانت مالية الدولة أيضًا في حالة يرثى لها، وكان هناك تهديد مستمر بمزيد من أعمال الشغب والحرب الأهلية.

ولكن سرعان ما أمره الملك باتباع ماريا دي ميديشي للتفاهم معها (أرادت الملكة الأم التمرد على ابنها). يتأقلم ريشيليو ببراعة مع هذه المهمة. وقد عاد السلام إلى المملكة. وقد تم رفع عار الأسقف.

كاردينال فرنسا في خدمة الدولة

داخل البلاد، نجح ريشيليو في كشف مؤامرة ضد الملك، تهدف إلى القضاء على الملك وتتويج شقيقه الأصغر غاستون دورليان. يشارك العديد من النبلاء النبلاء والملكة نفسها في المؤامرة. كما تم التخطيط لاغتيال الكاردينال. بعد هذا الحادث، حصل الكاردينال على حارس شخصي، والذي أصبح فيما بعد فوج حراسة الكاردينال.

الحرب مع إنجلترا وحصار لاروشيل

في عام 1632، كشف ريشيليو عن مؤامرة أخرى ضد الملك، شارك فيها غاستون دورليان ودوق مونتمورنسي.

في 29 ديسمبر 1629، ذهب الكاردينال، بعد أن حصل على لقب ملازم أول لصاحب الجلالة، لقيادة الجيش في إيطاليا، حيث أكد مواهبه العسكرية والتقى بجوليو مازارين. وأصبح الأخير أقرب حلفاء ريشيليو، مما ساعده فيما بعد على أن يصبح أول وزير لفرنسا.

أسس ريشيليو سياسته على تنفيذ برنامج هنري الرابع: تقوية الدولة ومركزيتها، وضمان أولوية السلطة العلمانية على الكنيسة والمركز على المقاطعات، والقضاء على المعارضة الأرستقراطية، ومواجهة الهيمنة الإسبانية النمساوية في أوروبا. . كانت النتيجة الرئيسية لأنشطة الدولة التي قام بها ريشيليو هي إقامة الحكم المطلق في فرنسا. كان الكاردينال ريشيليو باردًا وحكيمًا وصارمًا جدًا في كثير من الأحيان إلى درجة القسوة، وإخضاع المشاعر للعقل، وقد أمسك بزمام الحكومة في يديه، وبيقظة وبصيرة ملحوظة، لاحظ الخطر الوشيك، وحذره من ظهوره ذاته.

الحقائق والذاكرة

أعمال ريشيليو

الوصية السياسية أو المبادئ الأساسية للدولة.

روس. ترجمة: ريشيليو أ.-ج. دو بليسيس. الوصية السياسية. مبادئ الحكومة. - م: لادومير، 2008. - 500 ص. -

أرماند جان دو بليسيس، دوك دي ريشيليو، الكاردينال ريشيليو، لقب "الدوق الأحمر" (فرنسي: أرماند جان دو بليسيس، دوك دي ريشيليو). ولد في 9 سبتمبر 1585 في باريس - توفي في 4 ديسمبر 1642 في باريس. الكاردينال الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، الأرستقراطي ورجل الدولة في فرنسا.

كان الكاردينال ريشيليو وزيرًا للخارجية منذ عام 1616 ورئيسًا للحكومة ("رئيس وزراء الملك") من عام 1624 حتى وفاته.

تنتمي عائلة الأب إلى طبقة نبلاء بواتو. كان الأب فرانسوا دو بليسيس دي ريشيليو رجل دولة بارزًا في عهد هنري الثالث، وبعد وفاته المأساوية خدم هنري الرابع.

والدة أرماند، سوزان دي لا بورت، لم تكن من أصل أرستقراطي بأي حال من الأحوال. كانت ابنة محامي البرلمان الباريسي، فرانسوا دي لابورت، أي في جوهرها، ابنة برجوازي، الذي مُنح النبلاء فقط بسبب مدة خدمته.

ولد أرماند في باريس، في أبرشية سانت أوستاش، في شارع بولوا (أو بولوار). وكان الابن الأصغر في الأسرة. لم يتم تعميده إلا في 5 مايو 1586، بعد ستة أشهر من ولادته، بسبب حالته الصحية "الضعيفة والمريضة".

كان عرابو أرماند اثنين من حراس فرنسا - أرماند دي جونتو بيرون وجان دومونت، اللذين أعطاه أسمائهما. كانت عرابته جدته فرانسواز دي ريشيليو، ني روششوارت.

في عام 1588، أصبح والد أرماند أحد منظمي رحلة هنري الثالث من باريس المتمردة. كما غادرت الأم والأطفال باريس واستقروا في منزل عائلة زوج ريشيليو في بواتو. بعد اغتيال الملك، واصل والد أرماند خدمة الملك الجديد هنري الرابع بوربون بنجاح. توفي فرانسوا دو بليسيس ريشيليو بشكل غير متوقع بسبب الحمى في 19 يوليو 1590 عن عمر يناهز 42 عامًا، ولم يترك وراءه سوى الديون. بدأت الأسرة تعاني من صعوبات مالية كبيرة. لتنظيم جنازة لائقة، اضطرت سوزان إلى وضع سلسلة ترتيب الروح القدس، الذي كان زوجها الراحل حاملا. قام الملك هنري الرابع، تقديرًا لمزايا العميد الراحل، بتخصيص أموال للأرملة مرتين يبلغ مجموعها 36 ألف ليفر.

وبعد سنوات قليلة، عاد أرماند إلى باريس، حيث التحق بكلية نافار، حيث درس كل من هنري الثالث وهنري الرابع. في الكلية، درس أرماند القواعد والفن والفلسفة. بعد تخرجه من الكلية، دخل عرمان بقرار عائلي إلى أكاديمية بلوفينيل العسكرية. لكن الظروف تغيرت فجأة، حيث يجب على أرماند ريشيليو الآن أن يحل محل أسقف لوزون، وهي أبرشية كنسية منحها هنري الثالث لعائلة ريشيليو. يضطر عرمان إلى تغيير زيه العسكري إلى عباءة، لأن هذه الأبرشية هي مصدر الدخل الوحيد لعائلته. في هذا الوقت يبلغ من العمر 17 عامًا. يبدأ أرماند، بطاقته المفعمة بالنشاط، في دراسة اللاهوت.

تم تكريسه أسقفًا على لوزون في 17 أبريل 1607 على يد الكاردينال جيفري. توسط هنري الرابع شخصيًا من أجل ريشيليو لدى البابا، وطلب الإذن بترسيمه أسقفًا. وهكذا أصبح أرماند أسقفًا في غاية سن مبكرةمما تسبب في عاصفة من الخرافات والقيل والقال. دافع عن أطروحته في جامعة السوربون للحصول على درجة دكتوراه في الفلسفة في اللاهوت في 29 أكتوبر 1607.

وفي 21 ديسمبر 1608، تولى منصب الأسقف في لوزون. كانت أبرشية لوزون واحدة من أفقر الأبرشيات في فرنسا. بذل ريشيليو جهودًا كبيرة لتصحيح هذا الوضع. تحت قيادته، تم ترميم كاتدرائية لوزون، وتم ترميم مقر إقامة الأسقف، وهو ينظر شخصيًا في طلبات قطيعه ويساعد بقدر استطاعته أولئك الذين يلجأون إليه.

تضمن وقت إقامته في لوزون أيضًا كتابة عدد من الأعمال اللاهوتية المثيرة للاهتمام الموجهة إلى عامة الناس - "تحذيرات للمسيحي"، حيث يحدد ريشيليو الجوانب الرئيسية للتعاليم المسيحية في شكل يسهل على الناس الوصول إليه.

من بين الأعمال الأخرى: "أساسيات الإيمان الكاثوليكي"، "رسالة حول كمال المسيحي"، "حول ارتداد الهراطقة"، "المراسيم السينودسية".

في لوزون، تم لقاء ريشيليو الأول مع الأب جوزيف دو تريمبلاي، وهو راهب كبوشي حصل الأب جوزيف فيما بعد على لقب "" الكاردينال الرمادي"وسوف يلعب دورًا كبيرًا في سياسة ريشيليو الداخلية وخاصة الخارجية.

أصبح ريشيليو عضوًا في رجال الدين في الجمعية العامة لعام 1614، المنعقدة في باريس. ودعا إلى تعزيز السلطة الملكية. كان هذا وقت وصاية ماري دي ميديشي. في الواقع، حكمت الملكة الأم مع صديقها المفضل كونسينو كونسيني، ولم يشارك لويس الثالث عشر، ملك فرنسا، في الحكم بسبب شبابه. تحدث ريشيليو بنشاط في اجتماعات الولايات، وقد لوحظت أنشطته. أصبح مشهورا. صحيح أن أرماند نفسه أصيب بخيبة أمل من الولايات: في رأيه، كانت عديمة الفائدة، لأن أوامر العقارات والممثلين لم تتم دراستها وأخذها في الاعتبار، ولم يتم حل القضايا الاقتصادية وقضايا الحكومة على الإطلاق. كانت المحكمة والملكة الأم منشغلتين في إعداد الزيجات: تم تزويج الأميرة الفرنسية إليزابيث من الوريث الإسباني، وكان من المقرر أن تتزوج إنفانتا آنا الإسبانية من لويس الثالث عشر.

وسرعان ما عينت ماري دي ميديشي ريشيليو كمعترف لآن النمسا. وبعد ذلك بقليل، في نوفمبر 1616، عينته في منصب وزير الحرب. كان ريشيليو يعارض بشدة سياسة الحكومة الحالية التي تهدف إلى التحالف غير المتكافئ مع إسبانيا وإهمال المصالح الوطنية لفرنسا، لكن أسقف لوزون لم يجرؤ على مواجهة الحكومة علانية. وكانت مالية الدولة أيضًا في حالة يرثى لها، وكان هناك تهديد مستمر بمزيد من أعمال الشغب والحرب الأهلية.

في 24 أبريل 1617، قتل الملكة المفضلة K. Concini. يُهزم المرشح المغرور ويتولى الملك لويس الثالث عشر، الذي كان على رأس هذه المؤامرة، حقوقه القانونية. تمت إزالة أسقف لوسون من منصبه، ولا يريد لويس رؤية أي شخص مرتبط بوالدته.

سيتبع ريشيليو ماري دي ميديشي، التي تم نفيها إلى قلعة بلوا. في بلوا، يبدأ ريشيليو عمله المكتوب الأكثر شهرة - العهد السياسي (العهد السياسي الفرنسي)، وهو عمل عبقري وكتاب مدرسي عن الحكومة. وسرعان ما عاد الأسقف إلى لوزون، ومن هناك تم نفيه إلى أفينيون في أبريل 1618. ولكن سرعان ما أمره الملك باتباع ماريا دي ميديشي للتفاهم معها (أرادت الملكة الأم التمرد على ابنها). يتأقلم ريشيليو ببراعة مع هذه المهمة. وقد عاد السلام إلى المملكة. وقد تم رفع عار الأسقف.

في عام 1622، تم ترقيته إلى رتبة كاردينال الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. بدأ في المثول بنشاط أمام المحكمة والمشاركة فيها المؤامرات السياسية. وفي الوقت نفسه، ظل الوضع في الدولة يرثى له. كان الملك لويس الثالث عشر في حاجة إلى رجل يستطيع إيجاد طريقة للخروج من المأزق، وتبين أن ريشيليو هو ذلك الرجل. في 13 أغسطس 1624، أصبح أرماند دي ريشيليو أول وزير للويس الثالث عشر.

يكتب ريشيليو في "عهده السياسي" عن الوضع في فرنسا في ذلك الوقت: "عندما كرم جلالتك دعوتي إلى مجلسك، أستطيع أن أشهد أن الهوغونوتيين تقاسموا السلطة في الولاية معك، وأن النبلاء تصرفوا كما لو أنهم ليسوا رعاياك، وشعر الحكام بأنهم أسياد على أراضيهم ... تحالفات مع دول أجنبيةكانوا في حالة يرثى لها، وفضلت المصلحة الذاتية على المنفعة الشخصية.

أدرك ريشيليو أن الأعداء الرئيسيين على الساحة الدولية هم ممالك هابسبورغ في النمسا وإسبانيا. لكن فرنسا لم تكن مستعدة بعد لذلك صراع مفتوح. عرف ريشيليو أن الدولة تفتقر إلى الموارد اللازمة لذلك، وكان من الضروري أن تقرر مشاكل داخلية. وفي الوقت نفسه، يرفض التحالف مع إنجلترا ووزيرها الأول، ووفقًا لريتشيليو، الدجال والمغامر العظيم، دوق باكنغهام.

داخل البلاد، نجح ريشيليو في كشف مؤامرة ضد الملك، تهدف إلى القضاء على الملك ووضع شقيقه الأصغر غاستون على العرش. يشارك العديد من النبلاء النبلاء والملكة نفسها في المؤامرة. كما تم التخطيط لاغتيال الكاردينال. وبعد ذلك يحصل الكاردينال على حارس شخصي، والذي سيصبح فيما بعد فوج حراسة الكاردينال.

الحرب مع إنجلترا وحصار لاروشيل:

وفقًا لمرسوم نانت، كان لدى الهوجوينوت تنظيمهم الخاص، وحصونهم الخاصة (التي دفع الملك ثمن حامياتها) ومدنهم الخاصة. سمح هذا للهوجوينوت بالدفاع بشكل فعال للغاية عن امتيازاتهم، على سبيل المثال، لم تكن لاروشيل تتمتع بالحكم الذاتي فحسب، بل لم تدفع أي ضرائب عمليًا.

إن وجود منظمة مستقلة مثل الهوجوينوت في المملكة يتعارض مع أفكار ريشيليو حول مركزية البلاد. لذلك، بدأ الكاردينال معركة ضد الهوغونوت، بما في ذلك فرض حصار على لاروشيل.

في عام 1627، استولى الأسطول الإنجليزي على جزيرة ري. الهجوم قاده دوق باكنغهام. يسعى باكنغهام إلى تحريض انتفاضة الهوجوينوت في فرنسا، والتي يقع مركزها في قلعة لاروشيل المحصنة، كما يحرض الدوق أيضًا الدوق دي روهان، زعيم معارضة الهوجوينوت في فرنسا، على الثورة. تمكن دي روهان من إنشاء "دولة داخل الدولة" في غرب البلاد، حيث سيطر الهوغونوت. في لندن، حيث كان الهدف الرئيسي هو منع فرنسا من أن تصبح دولة قوية القوة البحرية، وأعرب عن أمله في الاستفادة من هذا الوضع. طالبت لاروشيل بامتيازات ضريبية استثنائية لنفسها. أراد ريشيليو وضع جميع الموانئ وجميع التجارة تحت رقابة صارمة لضمان مراقبة شفافة للضرائب؛ وكان من المقرر إدخال رقابة خاصة في لاروشيل. كانت هذه هي الأسباب الرئيسية للصراع، والتي لا ينبغي أن تسمى الدينية: تصرف ريشيليو حصريا كرجل دولة يسعى إلى قمع المعارضة الداخلية وتوحيد المملكة.

في سبتمبر 1627، عارض لاروشيل جيش الملك. يبدأ حصار المدينة بأمر الملك والكاردينال. لكن محاولات الاقتحام لم تسفر عن شيء - فالمدينة شديدة التحصين، خاصة وأن البريطانيين يزودونها بالطعام والإمدادات عن طريق البحر. ثم يقترح ريشيليو طريقة تبدو مجنونة بعد ذلك. ومع ذلك، تم استخدام طريقة مماثلة قبل ما يقرب من ألفي عام من قبل الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد. ه. أثناء حصار صور: تم بناء سد من البر إلى الجزيرة، وهكذا تم الاستيلاء على المدينة. كانت هذه التجربة هي التي قرر الكاردينال تكرارها. بحلول مارس 1628، تم بناء السد، وتم حظر لاروشيل من البحر. الأسطول الإنجليزيحاول دون جدوى تدمير السد. كان باكنغهام حريصًا على مواصلة الحرب، ولكن في أغسطس 1628 قُتل على يد المتعصب جون فيلتون. في أكتوبر 1628، سقطت لاروشيل. لعب الاستيلاء على المدينة دورًا دور مهمفي قمع المعارضة السياسية.

أدت تصرفات ريشيليو في حل الصراع مع المتمردين Huguenots في لاروشيل إلى اتهامات ضد الكاردينال بإهمال مصالحه الكنيسة الكاثوليكيةوالتواطؤ غير المبرر مع الزنادقة، الذين أصدر الكاردينال عفوًا عن العديد منهم بعد أن أقسموا يمين الولاء لملك فرنسا. مع بقائه كاثوليكيًا مخلصًا، ميز ريشيليو بوضوح بين الهوغونوتيين السياسيين، أي أولئك الذين دافعوا عن وجود دولة مستقلة عن المركز. حزب سياسيوالمتدينين الذين سعى إلى إقناعهم عن طريق الإقناع. فكرة الحرية الدينية التي دافع عنها ريشيليو لم تحظ بتأييد الجميع. يُمنح الوزير الأول لقب "كاردينال الهوغونوتيين" و"كاردينال الدولة". مما لا شك فيه، لم يميز ريشيليو أبدًا بين رعايا الدولة على أسس دينية، لكن هذا أعطى أسبابًا كثيرة لاعتباره كاثوليكيًا سيئًا. ويمكن الإشارة إلى أنه بحلول عام 1630 تم حل مشكلة التوتر الديني في فرنسا بفضل ريشيليو الذي طرح فكرة الوحدة على أسس وطنية ومدنية. الصراعات الدينيةتوقفت في البلاد. لن يتم استئنافهم إلا بعد وفاة الكاردينال. في الوقت نفسه، احتل الكاثوليك جميع المناصب الرئيسية، وكان البروتستانت في موقف الأقلية المضطهدة.

المعارض الرئيسي لإنشاء دولة مركزية، الهدف السابقريشيليو، الأرستقراطية الفرنسية تحدثت.

سعى الكاردينال إلى الخضوع غير المشروط من النبلاء للسلطة الملكية، وأراد إلغاء عدد من الامتيازات التي تنتهك سلطة الملك وتضر بالطبقات الأخرى ومصالح الدولة. لقد أثارت إصلاحات الكاردينال الاحتجاجات بشكل رئيسي في الطبقات العليا من المجتمع.

وفي عام 1626 صدر المرسوم الشهير بمنع المبارزة بين النبلاء تحت طائلة الحرمان لقب النبلاءالمبارزون. واعتبر النبلاء هذا انتهاكًا لحقهم في الدفاع عن شرفهم. لكن ريشيليو ينطلق من البراغماتية البحتة: يموت العديد من النبلاء في مبارزات كل عام - أقوياء وأذكياء وأصحاء! -الصالحون للخدمة العسكرية والخدمة العامة. وإلى جانب ذلك، فإن النبلاء هو دعم الملكية، وكان هذا المرسوم مجرد محاولة لإنقاذ الطبقة من الدمار الذاتي. بعد وقت قصير من صدور المرسوم، بدأت إحصائيات المبارزة في الانخفاض.

في نفس العام، صدر مرسوم آخر معروف، بموجبه أمر الأرستقراطيين المتمردين والعديد من النبلاء في المناطق غير الحدودية في فرنسا بهدم تحصينات قلاعهم من أجل منع المزيد من التحول لهذه القلاع إلى معاقل المعارضة. وأثار ذلك كراهية النبلاء الذين حرموا من القواعد المحصنة ولكن مع ذلك تم تنفيذها.

يقدم ريشيليو النظام المتعمد. وهؤلاء الأشخاص المرسلون من المركز لم يشتروا مناصبهم كغيرهم من المسؤولين، بل استلموها من يدي الملك. وبالتالي، على عكس الضباط (المسؤولين الذين اشتروا مناصبهم)، يمكن دائمًا طرد المراقبين إذا فشلوا في القيام بواجباتهم. هذا حولهم إلى أدوات قوة موثوقة. سمح دعم التاج للمراقبين بإخضاع الجهاز الإداري بأكمله للمقاطعات تدريجيًا، وتعزيز قوة المركز وبالتالي التعدي على ممثلي النخبة المحلية التقليدية (الأرستقراطية والمنصب).

في الجيش، يعزز ريشيليو سيطرته على المركز. أولاً، أدخل ازدواجية القادة العسكريين، حيث تم تعيين جنرالين لكل جيش. أدى هذا النظام إلى تحسين سيطرة التاج على الجيش، لكنه تبين أنه غير فعال للغاية وساهم في الهزائم في الحرب الفترة الأوليةولذلك ألغيت حرب الثلاثين عاما. ولكن تم الحفاظ على نظام التموين العسكري. من الآن فصاعدا، لا يتم استلام رواتب الجنود والضباط من قبل قادة الوحدات، ولكن الجنود أنفسهم من أيدي ضباط التموين العسكريين. وقد أدى ذلك إلى إضعاف قوة مبدعي هذه الوحدات (الأرستقراطيين) على مرؤوسيهم وتعزيز مكانة الملك.

في المكتب المركزيالإدارة، وتزداد أهمية الأمناء، الذين يتحكم كل منهم في قضايا معينة، وتزداد أهمية المشرف. تم تعيينهم جميعا مباشرة من قبل الملك، أي أن مواقف الأرستقراطية أضعفت.

سمحت السيطرة المتزايدة على المقاطعات لريتشيليو بزيادة نمو دخل التاج بشكل كبير. لكن زيادة الضرائب أثارت الكراهية ضد الابتكارات، مما أدى إلى الانتفاضات والنضالات ضدها، سواء في حياة الكاردينال وبعدها.

سعى ممثلو الطبقة الأرستقراطية العليا إلى الحفاظ على استقلالهم السياسي، معلنين أنهم متساوون مع الملك - بروح التقاليد الإقطاعية. كان فهم الكاردينال لجوهر الدولة مختلفًا تمامًا عما تخيله النبلاء. يحرمهم الكاردينال من السيادة على أراضيهم لصالح الملك، ويحرمهم من الحق في العدالة وتعيين المسؤولين، ونشر القوانين باسمهم (النبيل).

بعد سنوات قليلة من توليه منصب الوزير الأول، تمكن الكاردينال من كسب الكراهية العالمية تقريبًا لأعلى الطبقة الأرستقراطية، مما عرض حياته لخطر جسيم. لكن بالنسبة له كانت مصالح فرنسا فوق كل شيء. يدرك الملك لويس الثالث عشر أنه هو نفسه لا يستطيع التعامل مع جميع المشاكل، ويثق تمامًا في الكاردينال ويحميه من جميع هجمات الملكة وأعلى النبلاء. في عام 1632، كشف ريشيليو عن مؤامرة أخرى ضد الملك، شارك فيها غاستون دورليان ودوق مونتمورنسي.

في عام 1631، في فرنسا، بدعم من ريشيليو، بدأ نشر أول مجلة دورية "Gazettes"، والتي تم نشرها كل أسبوع. أصبحت الجريدة الناطق الرسمي باسم الحكومة. وهكذا يبدأ ريشيليو دعاية قوية لسياساته. أحيانًا يكتب الكاردينال نفسه مقالات للصحيفة. الحياة الأدبيةلم تقتصر فرنسا على إبداع الكتيبات والصحفيين. خلال فترة حكمه، فعل ريشيليو الكثير من أجل تطوير الأدب والثقافة والفن. وفي عهد ريشيليو، تم إحياء جامعة السوربون.

في عام 1635، أسس ريشيليو الأكاديمية الفرنسية ومنح معاشات تقاعدية لأبرز الفنانين والكتاب والمهندسين المعماريين وأكثرهم موهبة.

بحلول الوقت الذي بدأ فيه ريشيليو حكمه، كانت البحرية في حالة يرثى لها: في المجموع كانت تتألف من 10 قوادس في البحر الأبيض المتوسط، ولم تكن هناك سفينة حربية واحدة في المحيط الأطلسي. بحلول عام 1635، وبفضل ريشيليو، كان لدى فرنسا بالفعل ثلاثة أسراب في المحيط الأطلسي وواحد في البحر الأبيض المتوسط. كما تطورت التجارة البحرية. هنا أنشأ ريشيليو علاقات اقتصادية خارجية مباشرة، مما جعل من الممكن الاستغناء عن وسطاء. كقاعدة عامة، أبرم ريشيليو، إلى جانب المعاهدات السياسية، اتفاقيات تجارية. في عهده، أبرم ريشيليو 74 اتفاقية تجارية مع بلدان مختلفةبما في ذلك مع روسيا. ساهم الكاردينال بشكل كبير في تحسين الوضع المالي للسكان وتحسين صحة الخزانة. ولجعل الحياة أسهل للسكان، ألغيت بعض الضرائب غير المباشرة، وتم إدخال قوانين لتحفيز ريادة الأعمال وبناء المصانع. في عهد ريشيليو، بدأ التطوير النشط لكندا - فرنسا الجديدة. وفي مجال التمويل والضرائب، فشل ريشيليو في تحقيق مثل هذا النجاح. حتى قبل وصول الكاردينال إلى السلطة، الوضع الماليكانت البلاد يرثى لها. دعا ريشيليو إلى خفض الضرائب، لكن موقفه لم يجد تأييدا، وبعد دخول فرنسا في حرب الثلاثين عاما، اضطر الوزير الأول نفسه إلى رفع الضرائب.

في نهاية عشرينيات القرن السادس عشر، تم تنظيم رحلة تجارية وسفارية إلى موسكو. تمت مناقشة مسألتين: انضمام روسيا إلى التحالف المناهض لهابسبورغ ومنح التجار الفرنسيين حق العبور البري إلى بلاد فارس. فيما يتعلق بالقضايا السياسية، تمكنت الأطراف من التوصل إلى اتفاق - دخلت روسيا حرب الثلاثين عاما إلى جانب فرنسا، على الرغم من أنها اسمية بحتة. لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن القضايا التجارية. سمح للفرنسيين بالتجارة في موسكو، نوفغورود، أرخانجيلسك؛ لم يتم توفير العبور إلى بلاد فارس. لكن روسيا، التي حاربت بولندا الكاثوليكية (حليفة آل هابسبورغ)، بمساعدة الفرنسيين، حسنت علاقاتها مع السويد وقدمت لها الدعم فعليا (من خلال توفير تصاريح لتصدير الحبوب بأسعار منخفضة)، مما ساهم في تورط الأخيرة في الحرب. حرب الثلاثين عاما. وفي الوقت نفسه، تمكنت روسيا بنفسها من تجنب التهديد التدخل البولنديضد السويديين، ابتداء من حرب سمولينسك. ولا يزال دور الدبلوماسية الفرنسية في هذه الأمور مثيرا للجدل.

حرب الثلاثين عاما:

الاسبانية و هابسبورغ النمساويةالمطالبة بالهيمنة على العالم. بعد أن أصبح وزيرًا أول، أوضح ريشيليو تمامًا أنه من الآن فصاعدًا لن تصبح فرنسا ضحية للهيمنة الإسبانية، بل دولة مستقلة ذات سياسة مستقلة. حاول ريشيليو تجنب التدخل الفرنسي المباشر في الصراع لأطول فترة ممكنة، حتى يقاتل الآخرون ويموتون من أجل مصالح فرنسا. علاوة على ذلك، لم تكن الموارد المالية والجيش في البلاد جاهزة لإجراءات واسعة النطاق. لن تدخل فرنسا الحرب حتى عام 1635. قبل ذلك، كانت السويد، حليفة فرنسا، التي مولها ريشيليو عن طيب خاطر، تقاتل بنشاط. في سبتمبر 1634، عانى السويديون من هزيمة ساحقة في نوردلينجن. بعد فترة وجيزة، وقع جزء من حلفاء فرنسا في التحالف المناهض لهابسبورغ على السلام مع الإمبراطورية. اضطرت السويد إلى الانسحاب من ألمانيا إلى بولندا. في مارس 1635، استولى الإسبان على ترير ودمروا الحامية الفرنسية. في أبريل، أرسل ريشيليو احتجاجًا إلى إسبانيا يطالب فيه بمغادرة ترير وإطلاق سراح ناخب ترير. تم رفض الاحتجاج. كان هذا الحدث هو الذي أصبح حاسما - دخلت فرنسا الحرب.

في مايو 1635، حصلت أوروبا على فرصة رؤية احتفال منسي لم يتم استخدامه منذ قرنين من الزمان. المبشرون بملابس العصور الوسطى مع شعاري النبالة لفرنسا ونافار يغادرون باريس. قدم أحدهم إعلان الحرب إلى فيليب الرابع في مدريد.

في 29 ديسمبر 1629، ذهب الكاردينال، بعد أن حصل على لقب الملازم العام لصاحب الجلالة، لقيادة الجيش في إيطاليا، حيث أكد مواهبه العسكرية والتقى بجوليو مازارين. في 5 ديسمبر 1642، عين الملك لويس الثالث عشر جوليو مازارين رئيسًا للوزراء. عن هذا الرجل، الذي كان يُدعى في دائرة حميمة "الأخ عريض السيف (كولماردو)،" قال ريشيليو نفسه ما يلي: "أعرف شخصا واحدا فقط قادر على أن يصبح خليفتي، رغم أنه أجنبي"..

الكاردينال له شهادة الجدارةفي 29 يناير 1635، أسس الأكاديمية الفرنسية الشهيرة، والتي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا وتضم 40 عضوًا - "الخالدون". وكما جاء في الميثاق، تم إنشاء الأكاديمية "لجعل اللغة الفرنسية ليست فقط أنيقة، بل قادرة أيضًا على تفسير جميع الفنون والعلوم".